يتعامل الخبراء ودوائر القرار الدولية مع الحرب الأهلية على أنها تبدأ قبل أن ينتشر المسلحون في الشوارع، وحتى قبل أن يشعر بها الشعب. ويضربون على ذلك الكثير من الأمثلة عن الحروب الأهلية في العالم، لكن المثل الأقرب لنا هو الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في حادثة (عين الرمانة) في نيسان 1975، بينما المتخصصون بالحروب الأهلية و صُناعها يعتبرون أن بدايتها الفعلية كانت قبل ذلك بسنتين، وأن حادثة عين الرمانة والتي حاولت فيها مجموعة مسلحة إغتيال (بيار الجميل)، ما هي الا ّ الإعلان الرسمي للحرب. 
يلخص الفيلسوف الفرنسي العملاق (غوستاف لوبون) خبرته الطويلة في دراسة الشعوب والتحولات السياسية والاجتماعية، في مجموعة من الكتب، صارت مصدراً مهماً لكبار القادة السياسيين في العالم. وفي دراسته للحروب الأهلية قال كلمته الدقيقة : (حتَّى لو كانت الجماهير علمانيَّة، تبقى لديها ردود فعل دينيَّة، تُفضي بها إلى عبادة الزَّعيم، وإلى الخوف من بأسه، وإلى الإذعان الأعمى لمشيئته، فيصبح كلامه ثوابت لا تُناقش، وتنشأ الرغبة إلى تعميم هذه الثوابت. أما الذين لا يُشاطرون الجماهير إعجابها بكلام الزعيم فيصبحون هم الأعداء. ( 
أسباب الحرب الأهلية :
تكون سياسية أو طبقية أو دينية أو عرقية أو إقليمية أو مزيج من هذه العوامل.
و يعتبر اللجوء إلى الحرب الأهلية حالة قصوى من حالات حق دفع الظلم والثورة على حكومة أو فئة حاكمة أخلت بحقوق الشعوب والمواطن، كما جاء في دستور الثورة الفرنسية الصادر عام 1793، أو بموجب مبادئ حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها المتضمن في ميثاق الأمم المتحدة
تتصف الحروب الأهلية بالضراوة والعنف وبالنتائج الاقتصادية والاجتماعية المدمرة على المدى القريب، والمؤثرة بعمق على المدى البعيد، لأنها تشمل مناطق آهلة بالسكان وتكون خاضعة لهجمات متقطعة وغير منتظرة، وتفرق بين الأهل والجيران فتشل الحياة الاقتصادية وتمزق النسيج الاجتماعي، ويحتاج المجتمع إلى عدة عقود من الزمن لإعادة البناء والتوازن والوئام.
و كثيرا ما تشكل الحروب الأهلية فرصة لتدخل الدول الكبرى أو المجاورة في مجريات الأمور الداخلية للدولة المعرضة لمثل تلك الحروب. ذلك أن وقوع مثل تلك الحروب يضعف كثيرا من سيادة الدولة ويزيل التماسك الداخلي في وجه التدخل الخارجي كما نرى اليوم في العراق وسوريا حيث اصبحت هذه الدول مسرحا لتدخل الدول الكبرى والمجاورة ، وقد ترى بعض الدول في انتصار فريق على فريق تهديدا لأمنها، أو للتوازن في تلك المنطقة من العالم أو على صعيد أوسع . 
التاريخ عِبَرٌ مجانية :
تعطي قراءة متمعنة للتاريخ عبَرٍ مجانية للشعوب المهددة في الوقت الحالي والمرشحة للوقوع في مستنقع الحرب الأهلية ، فعشرات الحروب السابقة التي دمرت بلدان عديدة في زمن قريب،بعضه شاهده ويتذكره الجيل الحالي كما في الحرب الأهلية اللبنانية والتي حدثت بين 1975و1990والحرب الأهلية الجزائرية بين عامي 1992و2002والحرب الأهلية العراقية بين 2006 و 2008والسورية التي ابتدأت عام 2011ولاتزال مستمرة والليبية واليمنية وهما مستمرتان تغذيهما الدول الأجنبية ويموت فيهما مواطنوا البلدين ،وقد سبقتنا الدول الكبرى ايضا الى هذه الحروب ففي امريكا بين 1861و1865 والروسية بين عامي 1917 و 1921وغيرها .
من اهم اسبابها :
- من اهم اسبابها الحزبية و الفئوية والأستئثار بالسلطة ومميزاتها لفئة دون اخرى وهذا يحدث غالبا عند انتشار الفساد في اجهزة الدولة ،ممايولد كبت شعبي تراكمي مايلبث ان يبرز كشرارة لايمكن السيطرة عليها واخمادها ،وهنا تبرز فرصة التدخل الخارجي ،وخاصة اذا كانت الدولة لاتملك جيشا ً كفوءا ً ،اما في الدول التي تملك مليشيات فان النار ستسري في البلاد سريانها في الهشيم .
- اليأس من التغيير وخاصة اذا كانت الأنظمة الأنتخابية مقولبة لأعادة نفس الأحزاب والوجوه رغم الرفض الشعبي لها .
- سقوط الرموز السياسية بأعين الناس بسبب الفساد والكذب وغياب البناء والخدمات .
- النفاق الحكومي ،حيث تعلن الحكومة عن بدأ اصلاحات ولكنها تقوم في واقع الحال بالتخلص من كل صوت مستقل لاينتمي الى احزابها ،وبذلك تصبح احزاب السلطة في جهة والشعب في جهة اخرى .
- التناقض الكبير بين ثروات البلد وانتشار الفقر ،كما يحصل اليوم في العراق حيث تمتلئ البلاد بأنواع الثروات الغير مستغلة بينماينتشر الفساد بأنواعه ويعيش الكثير من شعبه تحت مستوى خط الفقر.
- احيانا تكون تغذية الأختلافات المذهبية والعرقية من الأسباب المشجعة .
ان الأبتعاد عن كل هذه السلبيات ونشر الحق والعدل والضوابط القانونية وصور الديمقراطية الحقيقية وعدم تهميش كفاءات البلاد ،وعدم السماح بأنتشار السلاح بصورة غير مرخصة ،وتوفير الخدمات العامة وفرص العمل والأتجاه بطاقات البلاد الى البناء والأعمار واستغلال ثروات البلاد كلها عوامل تدعم الوحدة الداخلية وتبعد شرور الحروب الأهلية .