أخشى أن يندرج التصريح المنقول أمس عن "مصدر عسكري في قيادة عمليات البادية والجزيرة" في الإطار ذاته المندرجة فيه إعلانات القوات العسكرية والامنية عن الاعتقالات في صفوف الإرهابيين.. أعني اطار التهويل وعدم الدقة لغرض في نفس يعقوب.
على مدى السنوات الماضية تلقينا معلومات عن اعتقالات بالجملة شبه يومية لعناصر "القاعدة" وسواه من التنظيمات الارهابية. ولو أحصينا عديد المقبوض عليهم، بحسب تصريحات المسؤولين العسكريين والأمنيين وبيانات وزارتي الداخلية والدفاع وقيادات العمليات في مختلف المناطق، لتشكل لدينا رقم بمئات الآلاف. بالطبع لا يمكن أخذ هذه البيانات على محمل الجد، لأننا بخلاف ذلك يتعين أن نستنتج إما ان قواتنا الامنية لم تترك إرهابياً واحداً طليقاً، أو ان الاغلبية الساحقة من الشعب العراقي تقف الى جانب الإرهابيين، بدليل انها تمدهم بما يلزمون من الرجال والنساء!
أمس جاء في التصريح المنسوب الى المصدر العسكري المشار إليه أن تنظيم "القاعدة" يواجه "مشاكل حقيقية وفشلاً كبيراً" في مسألة تجنيد شبان من سكان محافظة الانبار للعمل لصالحه، وانه يسعى لاجتذاب "مجاهدين" عرب من البلدان الأخرى "بعد شح إقبال الناس على التطوع للقاعدة وخاصة الشبان". المصدر عزا السبب الى التوجه العام لعشائر الانبار ورجال الدين في رفض أعمال القاعدة وحث الناس على التعاون مع قوات الأمن (السومرية نيوز).
نتمنى أن يكون الأمر كما أفاد به المصدر العسكري بالفعل، لكننا نرى بأم العين تصاعداً خطيراً في أعمال الارهاب في الانبار وسواها من محافظات البلاد، بما فيها العاصمة التي يحتشد فيها جيش جرار من القوات العسكرية والأمنية، ومحافظات الوسط والجنوب.
هذه الاعمال الإرهابية تشير الى ان تنظيم "القاعدة" ليس الوحيد الذي يرتكب المجازر. هناك منظمات وعصابات وميليشيات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالقاعدة أو فلول النظام السابق تقتل العشرات من الناس يومياً في عمليات تفجير وأعمال خطف وقتل بالمسدسات الكاتمة والناطقة وبقطع الرؤوس.
من الواضح ان هذه المنظمات والعصابات والميليشيات ذات هوية طائفية، وانها تمارس أعمالها على وفق هذه الهوية. ففي يوم تحدث تفجيرات وعمليات خطف وقتل في مناطق شيعية، وفي اليوم التالي تكون هناك أعمال مماثلة في مناطق سنية، وهكذا.
تنظيم "القاعدة" ليس وحده ما يهدد أمننا وحياتنا لكي يكون لتصريح كتصريح المصدر العسكري تأثير معنوي ايجابي علينا. هناك ارهاب طائفي مريع الى جانب ارهاب القاعدة وفلول النظام السابق، وانحسار اقبال الشبان على "القاعدة" في الانبار، إذا ما كان قائماً حقاً، لن يكفي .. نريد انحساراً، ثم انحداراً، في أعمال الارهاب من كل نوع وصنف، بما فيها التي ترتكبها العصابات والمنظمات والميليشيات الطائفية، وبين هذه تلك التي تغض الحكومة النظر عن نشاطاتها لغرض في نفس يعقوب أيضاً.
مقالات اخرى للكاتب