Sometimes it takes a long time. Please wait...
|
داعش.. والتكنولوجيا |
الاثنين, كانون الأول 1, 2014
عبد المنعم الاعسم
|
منذ بضع سنوات اعلن الباحث الشهير في قضايا العنف دوغلاس هاملتون ان حروب القرن الواحد والعشرين سترسمها اجهزة الكومبيوتر والانسان الالي (الروبوت) ولاحظ ان ثمة 24 حربا اقليمية ومحلية تدار الكترونيا من قبل اقل عدد من المخططين، بمن فيهم قادة مليشيات وعصابات لم ينالوا تعليميا ابتدائيا حتى، ولم تكن هذه القراءة مفاجئة للمهتمين في تطور هذا الجنس من التقنيات، فالولايات المتحدة، مثلا، عكفت منذ زمن على التعامل مع بؤر الصراع في العالم من خلال صمامات هذا الجهاز الشيطاني وقدراته الاسطورية على تقديم اجابات وخدمات، لم تكن طواقم الموظفين المحترفين ستقدمها بهذا السرعة والدقة المذهلة. البحث في سلامة، او عدم سلامة، هذا الاعتقاد ليس موضوع هذه الجملة، على الاقل في ما يتعلق بالدوامة العراقية الدموية المضنية، حيث لايحتاج الهمج في تنظيم داعش لقتل اكبر عدد من المدنيين الابرياء، سوى اجزاء من الثانية، هي وقت الضغط على نابض التفجير المدوي والمجنون، وحاجات تفصيلية اخرى للاطلاع على قدرات الكيبورد السحرية وعلى جداول ردود الفعل للصدمات، عدا عن حاجتهم لانصرافنا عنهم، وانشغالنا في البحث عن نصوص وديباجات مستهلكة عما هو حق وما هو باطل، لا روح فيها، ولا صدقية في ترجمتها الى الواقع. اقول، الحرب التي تشنها عصابات داعش على العراقيين، وتحول ملايينهم الى مشروع جثث على الارصفة ومنعطفات الطرق وثلاجات المستشفيات تتحدى نظرية هاملتون عن دور الكومبيوتر في الحروب المعاصرة، ذلك لان الغالبية الساحقة من افراد العصابة، لم يطلعوا على المعادلات والجداول وعلوم التقنية، وهم يجهلون ازرار الكيفيات الالكترونية ومفاتيح الكومبيوتر ومهارات الديجيتل، وقال لي مسؤول امني عراقي ان اجهزة الكمبيوتر التي يتم العثور عليها في مخاوير الارهابيين ومخابئهم لم تُحمّل باية خدمات ذات طبيعة علمية ومعرفية أوما يصلح للرياضة العقلية، وان غالبية الاستخدامات تنحصر في برامج دينية جهادية غوغائية ولعب الكرتون والصور الجنسية المتحركة، حيث كان الانتحاريون والتفجيريون يصرفون وقتهم في ما يبعدهم عن التفكير في بشاعة الجريمة التي يرتكبون. وقد يسأل سائل: ما العمل معهم؟ وهو سؤال مشروع يثير اشكالية استخدام الاساليب في المواجهة، فلا يصح ان تقاتل رجالا في الغابة بالدبابات ولا ان تصطاد الضباع بشباك صيد الاسماك، ولا ان تخاطب المجانين بمنطق العقلاء.. وهنا اعيد القصة التالية التي سبق ان ذكرتها في سياق آخر: صعد مجنون هارب من المستشفى منارة بقصد الانتحار وحار جمهرة من الناس في اقناعه بالعدول عن ذلك، الى ان جاءهم طبيب المستشفى بمجنون آخر، فما كان منه إلا أنْ نادى المجنون الاول قائلا: إذا لم تنزل فسأقص المنارة بالمنشار، وسرعان ما نزل المجنون العاصي راكضا، طائعا. سمعت احدهم يقول من على شاشة ملونة: انا، وليس غيري، مَن يستطيع اقناع داعش بوقف اطلاق النار والنزول من الشجرة.
مقالات اخرى للكاتب
|