لم يعد باستطاعة أي مواطن عراقي أن يقتنع بان قادة القائمة العراقية ومشروعهم الوطني المزعوم أصبح ممكنا في الظروف الراهنة التي تعصف بالعملية السياسية ، ولم تعد الشعارات والتصريحات والمناورات والاجتماعات التي انشغل بها قادة القائمة قابلة للتصديق من جماهيرهم وفقدت حتى وسائل الأعلام المسيس القدرة على تلميع وجوههم وتقديمهم على أنهم الرموز لمكون معين ويجب إضفاء الهيبة والقدسية على أشخاصهم وممارساتهم ،وفقدت كل ألوان القائمة من البيضاء إلى الحرة التي تشظت منها وحملت اسمها من أصلاح الخلل في داخلها أو تقديم نفسها بديل مناسب يحفظ الخط التي نادت به في الانتخابات .
القائمة تشكلت من نخب انحداراتهم العائلية والعشائرية والطائفية من مدن عراقية اسماها الاحتلال الأمريكي مناطق العرب السنة. وأصحاب المشروع الوطني كما يزعمون أعجبتهم التسمية فامسكوا بها بأسنانهم ونصبوا أنفسهم أولياء على أهلها، ولإكمال ديكور القائمة ادخلوا ضمن أعضاءها عراقيون من مدن الجنوب أو الوسط ومن مكون أخر، ولا نعرف هل هؤلاء وطنيون حقا حيث انتسبوا إلى القائمة وهم يعرفون بان ليس لهم رصيد اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي يؤهلهم للفوز، أم من الطامعين للسلطة بعد أن تيقنوا بأنهم سيفشلون في مناطقهم لا محالة ، سيما وان قانون الانتخابات لا مثيل له في النظم الديمقراطية الحديثة، إذ زعيم القائمة يعين من يريد في البرلمان بالأصوات الفائضة .والإضفاء البريق الوطني ومغازلة بعض الدول العربية والأوربية دفعوا برئيس الوزراء الأسبق إلى الواجهة ،والرجل لم يتمكن من جمع مفردات القائمة والتنسيق بين قياديها الذين سارعوا إلى التسابق على المناصب والمكاسب الحكومية بعد أن تخوف الإتلاف الوطني ودولة القانون من تشكيل حكومة أغلبية وسط أجواء إقليمية يعلوها اصطفاف طائفي، حادة وتدخل الأمريكان بحجة التوازن الوطني ، فولدت حكومة محاصصة بعملية قيصرية بعد اتفاق اربيل .
ويمكن القول بان زعيم القائمة بعد التشكيلة الحكومية وجد نفسه بعيدا جدا عن العملية السياسية حيث قادة القائمة اخذوا المبادرة وأصبح كل منهم يعزف على موال حزبه وكتلته وامتيازاته ،وظهرت أصوات تنحاز إلى الطائفة أعلى من الأصوات التي أقنعت نفسها وناخبيها بأنها تحمل مشروع وطني الذي لم يعرف لحد الآن ملامح هذا المشروع واليات تطبيقه . وبموجب ذلك بدأت بوادر الانقسامات داخل القائمة ليس على أساس تخلي القائمة عن مشروعها أو عدم إيفاء الجانب المقابل بكل التزامات اجتماع اربيل الأول، ولكن بسبب استيلاء قادة القائمة الكبار على قطعة الكعكة كلها ،وقع المنشقون تحت تأثير الخصم السياسي كما يدعي قادة القائمة العراقية ،هؤلاء كانوا اشد خصومة من الشريك السياسي فقد مزقوا صف المؤيدين للقائمة في محيط بيئتها، وبسبب الهزات التي تعرضت لها العملية السياسية وتوالي الأزمات السياسية والأمنية، وعجز البرلمان عن ضبط إيقاعه ونقص الخدمات، والحالة المعشية المتردية، وازدياد معدلات البطالة ،والفساد الإداري والمالي وقضيا كثيرة يطول شرحها، دب الإحباط والامتعاض واليأس عند الناخبين الذين كانوا يتوقعون أن يكون للقائمة برنامجها المعبر عن مصالحهم، فنكشف أمامهم بأنه لا توجد قائمة أصلا أنما أشخاص تحيط بهم عائلاتهم ومعارفهم لا يقدسون إلا المناصب والامتيازات ولا يجيدون إلا الكلام والتهديدات بالانسحاب من العملية السياسية التي لا يفارقوها إلا ا ذا انتقلوا للرفيق الأعلى. الأمر المؤسف أنهم وضعوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا ، ولم يشعروا بان جمهورهم أو الذي كان، قد قلبهم ذات اليمين وذات الشمال ووجدهم موتى .
بكل تأكيد القائمة ماتت من زمان وشبعت موتا . وبغض النظر عن كل ما يقال عن مظاهرات الانبار والاعتصام وعن كل ما جرى فيها من ممارسات أو شعارات لا يتفق معها البعض أو الجميع ، وحقهم في بعض المطالب المشروعة التي يقرها الدستور والقوانين، إلا أن هناك فعل لابد من الوقوف عنده والتأمل به طويلا ، فحادثة طرد صالح المطلك من ساحة الاعتصام أو محاولة اغتياله كما صرح مكتبه بذلك ،هي توقيع بالخط العريض والطويل بان الانبار قد أصدرت شهادة وفاة القائمة العراقية وأعلنت موتها رسميا .
العراق العظيم 1/1/2013