تعلمنا من الدروس الماضية إن الشخص عندما يكون لوحده يكون ضعيفاً وبعيد كل البعد عن الآخرين وتهزه الريح وبهذه الطريقة يمكن إن يخسر نفسه، وأثبتت التجارب إن القوة تكمن بالاتحاد، وليست بعيدة عنا تلك القصة التي تروى في قديم الزمان عنأب كان مريضاً على فراش الموت، ودعا أولاده وأعطاهم كل واحد منهم عصا وطلب منهم إن يكسروها وبعد ذلك جمع كل العصي وطلب منهم فلم يستطيعوا كسرهن ومضت حكمة لكل العالم.
اليوم ونحن على أبواب انتخابات المجالس المحلية علينا إن نوصل للمواطنين إن الانتخاب وسيلة مرحب بها ، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها،وديمقراطيتنا مربوطة بالشريعة مشدودة إليها بحيث تبقى الروح إسلامية بداخلها،وهي خطوة موفقة ننتظر بعدها خطوات وخطوات حتى نصل إلى الغاية المنشودة في إشراك الشعب في إدارة شؤونه وتدريبه على ذلك، نرجو من المواطنين أن يأخذوا الأمر مأخذ الجد، ويعتبروا أن الانتخاب واجب عليهم يجب على الجميع المشاركة فيها، وإلا سوف تكون العواقب وخيمة، كما مرت علينا في التجربة السابقة، وعواقبها ليست بعيدة عنا.
تجربة إشراك الشعب في إدارة شؤونه، تجربة مباركة ينبغي أن نشد أزرها وأن نبارك خطواتها، وهذا ما يتجه إليه الإسلام، فالإسلام يريد الشعب الذي يشارك في إدارة أمره، لا يريد الشعب الخامل الذي كل مهمته أن يصفِّق لحكامه، وأن يسير في ركابهم وأن يقول لهم: أحسنتم وإن أساؤوا كل الإساءة، ليس هذا مما جاءت به الديمقراطية الحديثة.
إن هذه التي يسمونها ديمقراطية موجودة عندنا في الإسلام، على أكمل وجه منزَّهة عما في الديمقراطية من مساوئ وعيوب، الإسلام يريد للمسلم أن يكون حراً مستقل الشخصية، يفكر بعقله ويقرر بإرادته، لا يريد للفرد أن يكون إمَّعة، يقول أنا مع الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا يكن أحدكم إمَّعة يقول أنا مع الناس، إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا أسأت، ولكن وطِّنوا أنفسكم ،إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا ألا تظلموا".
إنما تضيع البلاد ويذل العباد وتُهدر المصالح وتضيع الأوطان بهؤلاء الإمَّعات من الناس الذين لا شخصية لهم ولا ذاتية لهم.
الواجب على الجميع أن يذهب لأداء واجبه في الانتخابات، ويختار من هم أحق الناس الذين قدموا أنفسهم من أجل الوطن والمواطن ولايزالون يضحون، كما قال الله تعالى "ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا"،أنت دعيت لأداء هذا الواجب وللإدلاء بصوتك فلا تتخلى عنه، ولا تبخل به، المُنتخِب شاهد يشهد بأن هذا الشخص أصلح من غيره لتمثيل هذه الشعب ، ولذلك يجب ألا تتأخر عن الشهادة ولا تكتمها، "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه"، وأن تشهد لله، كما قال الله تعالى (وأقيموا الشهادة لله) ، لا يكن همك أن تشاهد وتتمنى ولا تعمل ولا تذهب إلى الصناديق، هذا أمر لا مجاملة فيه، (وأقيموا الشهادة لله) قل الحق حتى مع نفسك آوعلى أقرب الناس إليك وأعزِّهم عليك، اختار خير من يمثلكم،وكن قائماً بالقسط، اشهد بالقسط بالعدل لله، فلا تمنعك محبة محب ولا كراهية كاره "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى"، انتخب المرشح الصالح المتحد من أجلكم، أدلي بصوتك لهذا المرشح فلا تنتخب إلا إنساناُ صالحاً، لان الناخب شاهد، ولان الناخب شاهد ولا ينتخب أو يختار إلا إنسان قوي أمين.
ينتخب الأقوى الأكثر أمانة وقوة، يختار أحسنهم، ويقول ما يرى أنه حق، هذا هو الواجب علينا، لا بد أن ندرِّب أنفسنا على هذا الأمروأسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق الناخبين في هذا البلد إلى اختيار أصلح الأشخاص المتحدون علماً وعملاً وسلوكاً ورغبة في خدمة هذا الوطن، ونسأل الله أن يوفق المرشحين إلى أن يقوموا بواجبهم المنشود إن شاء الله
مقالات اخرى للكاتب