لاشك بان كل الحركات الاصلاحية في العالم عندما تطرح شعارا فانها تسعى جاهدة لتطبيق هذا الشعار ومايسمى بالحركة الاصلاحية العراقية والتي رفعت شعار( الشلع قلع )وتولي حكومة التكنوقراط. عليها ان تطبق شعارها بدون استثناء ولكن ما حصل على ارض الواقع لا يمت بصلة الى شعار الشلع قلع فقد استثنت 40 عضو برلمان من قرار الشلع قلع بل وصل الامر الى حمل بعض اعضاء البرلمان على الاكتاف واستقبالهم بالأحضان والقبل من المتظاهرين. المشاهد لهذه المشاهد قد يظن ان هؤلاء هم انبياء او معصومين بمنصب برلماني والا لماذا استثني هؤلاء من شعار الشلع قلع والتكنو قراط ولنأخذ حاكم الزاملي نموذجا
فمن المعروف في كل برلمانات العالم انه حين تشكل لجنة ما فأنها سوف تضم كل من له اختصاص بعنوان تلك اللجنة، فالقانيون ينضمون اى لجنة القانون، والتربويون واساتذة الجامعات ينضمون الى لجنة التعليم، والعسكريون ينضمون الى لجان الدفاع والامن، وهكذا لباقي الاختصاصات.. لكن ان يتم تعيين وكيل وزير الصحة سابقا الى لجنة الامن والدفاع فهذا يعد سابقة تضاف الى سوابق العراق الجديد في تحطيم كل قوانين المنطق والعقل السليم! وهذا هو منصب حاكم الزاملي السابق رئيس لجنة الامن والدفاع الحالي لا أدري ما علاقة الصحة بالدفاع ولكن يبدو ان هناك سر لانعرفه فعدنان الاسدي شغل منصب وزير الصحة وكالة بخلفيته الصحية وحاكم الزاملي كذلك
لنبحث في التاريخ القريب لنموذجنا علنا نجد علاقة بين الصحة والامن والدفاع
قد اشتهر حاكم الزاملي في فترة حكم رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري بانه "جزار" وزارة الصحة كما يقول معاصريه ، حيث قام بقيادة مجموعات من الميليشيات المتخصصة في خطف الناس من وزارة الصحة والمستشفيات والمراكز الصحية ومن ثم قتلهم ورمي جثثهم في مكبات النفاية، بل وصل الحال به ان شكل كتيبة ميليشياوية مهمتها مراقبة الناس الذين يأتون الى مستشفى الطب العدلي وثلاجات الموتى للبحث عن ابنائهم، حيث يقترب منهم احد الاشخاص ويستفسر عن حالتهم ، فان تبين له انهم من اهل السنة اتصل بمجموعة الميليشيات التي تتبنى حراسة مجمعات وزارة الصحة فيقومون باختطافه ومن ثم ركن جثته بقرب جثة ولده الذي جاء يبحث عنه!، هذا فضلا عن عمليات اختطاف المرضى من المستشفيات حتى باتت المستشسفيات في عهده محرمة على اهل السنة ، لا يدخلها احدهم الا وتم اختطافه ومن ثم قتله بأبشع الصور
اما اشهر الجرائم التي سجلت باسم حاكم الزاملي فكانت قيامه باختطاف الدكتور علي المهداوي الذي كان مرشحا لاستلام منصب وكيل وزير الصحة، حيث تم استدعاءه الى مبنى وزارة الصحة، وحينها تم اختطافه هو ومجموعة من حراسه من داخل بناية وزارة الصحة ولم يعرف له على اثر لحد الان!.
كما انه المتهم الاول باختطاف عمار الصفار النائب الثاني لوزير الصحة ، رغم انه كان مرشحا عن حزب الدعوة، ولم يتم العثور على جثته او معرفة تفاصيل اختطافه او فتح ملفه لحد الان بعد ان تخلى حزب الدعوة عن قضيته خوفا وتزلفا للتيار الصدري مثلما تخلى الحزب الاسلامي عن ملف علي المهداوي خوفا وتزلفا منه!!.
بعد مجموعة من الشكاوي والتظلمات، وبعد ان اصبحت جرائم حاكم الزاملي تزكم الانوف، وبعد ان رفض (او عجز) نوري المالكي عن ردعه قامت القوات الامريكية باعتقال حاكم الزاملي وتسليمه الى القضاء العراقي بتهمة اختطاف العشرات من الابرياء، اعترف الزاملي بعد اعتقاله مباشرة على وزير الصحة وقدم للمحققين الأمريكان أسماء 61 من قادة فرق الموت في بغداد والنجف والسماوة واعترف باستخدامه عربات الاسعاف لنقل الأسلحة والمطلوبين من أفراد جيش المهدي، ونقل المختطفين الى منطقة خلف السدة لقتلهم هناك وكانت سرعة اعترافه، وانتشار تفاصيل تلك الاعترافات جعلت الأمريكان يعلنون عن أن لجنة تحقيق أمريكية برئاسة الكولونيل مارك مارتنيز أحالت حكيم الزاملي واللواء حامد الشمري قائد حماية وزارة الصحة، الى محكمة علنية وصفت بأنها ستكون أهم من محاكمة مسؤولي النظام السابق.
لكن وحيث ان القضاء العراقي "نزيه" جدا، وحيث ان ميليشيات جيش المهدي تحكم سيطرتها على القضاء والمحاكم ومراكز الشرطة، فقد تم اسقاط التهم الموجهة ضد حاكم الزاملي ومن ثم تم اطلاق سراحه بعد ان عجز الشهود واصحاب الدعاوى من الوصول الى المحكمة للادلاء بشهاداتهم ، وهكذا تم اطلاق سراح حاكم الزاملي في اسرع عملية اطلاق سراح، حيث لم تتجاوز فترة اعتقاله السنة الواحدة رغم ان امريكان صرحوا بان محاكمته ستكون محاكمة القرن"!!
كانت وزارة الصحة في حكومة الجعفري من حصة التيار الصدري، وكان وزير الصحة السابق الدكتور علي الشمري هو مرشح التيار الصدري لتلك الوزارة، لكن وبعد ان اكتشف ذلك الدكتور الشمري ما كان يقوم به جيش المهدي من جرائم بحق اهل السنة في وزارته، وبعد ان اكتشف انه كان يدير وزارة للخطف والتعذيب و" محل جزارة" وليس وزارة للصحة، وبعد ان هدده التيار الصدري بالقتل بعد ان طرد الكثير من العناصر الفاسدة والمجرمة التابعة للتيار الصدري حسبما صرح بذلك اسماعيل حقي رئيس الهلال الاحمر العراقي، فقد قرر ذلك الوزير "الصدري" الفرار بنفسه و اللجوء الى الامريكان حاملا معه ملفات الفساد والجرائم التي اقترفها التيار الصدري وجيش المهدي في وزارة الصحة مفضلا التخلي عن الوزارة مقابل البراءة من تلك الجرائم !!، ورغم كل الاعترافات التي ادلى بها الدكتور علي الشمري والتي تثبت تورط جيش المهدي ومقتدى الصدر شخصيا في الجرائم التي اقترفت في وزارة الصحة وباجهزتها ومقراتها، الا ان الامريكان فضلوا طمطمة القضية واغلاق الملف "خوفا" و"تزلفا" لمقتدى الصدر ايضا !
بعد كل هذه الحقائق والأصح هذه الفضائح فان حاكم الزاملي هو تكنو قراط بأمتياز ويستحق ان يحمل على الاكتاف ويستثنى من مبدء (الشلع قلع )
مقالات اخرى للكاتب