تطمح حكومة تركيا السيطرة على سوق النفط في اقليم كوردستان بان تصبح شريكة نفط الاقليم عن طريق مد انابيب النفط والغاز. ويتخوف المراقبون ان تقود هذه العلاقة التجارية مصير اقليم كوردستان الى اتجاه اخر بحيث تفضي الى ان (يربح الكورد النفط ويخسرون قضيتهم).
تعمقت العلاقة الحميمية بين اقليم كوردستان وتركيا خلال السنوات الست الاخيرة، عندما تطلعت (منظمة رجال الاعمال والصناعيين المستقلين في تركيا) الى اقليم كوردستان واقنعت رجب طيب اوردوغان بالانفتاح على اقليم كوردستان.
تاسست هذه المنظمة الاقتصادية سنة 1990، ومعظم رجال الاعمال مقربون من حزب العدالة والتمنية الحاكم، لهذا باستطاعتهم وبسهولة تغيير نمط التفكير الاقتصادي لتركيا، مهمة هذه المنظمة مراقبة اسواق الشرق الاوسط لايجاد سوق لتصريف السلع المنتجة في بلدهم وايجاد شركاء اقتصاديين لتركيا.
تقف منظمة رجال الاعمال والصناعيين المستقلين في تركيا وراء الانفتاح الاقتصادي والسياسي لتركيا. حيث ان المنظمة تهدف الى البحث عن الربح وزيادة رأسمال بلدها. ويعتقد الكثير من المراقبين ان الكثير من الخطط التي يتبناها حزب اوردوغان تتبع المطالب والمصالح الاستراتيجية المتعلقة بهذه المنظمة.
قبل سنوات قليلة كانت تركيا ترفض اقامة اية علاقة رسمية مع اقليم كوردستان، بالاضافة الى انها كانت عائقا امام استيراد البضائع الى داخل الاقليم عبر تركيا تحت ذريعة ايواء اعضاء حزب العمل الكوردستاني في اراضي الاقليم. ولكن عند استلام حزب العدالة والتنمية السلطة في تركيا كسرت الجمود وطورت علاقاتها مع اقليم كوردستان.
وحسب تقرير لوكالة اناضول التركية بلغ مجمل صادرات تركيا سنة 1996 ماقيمته 66 مليار دولار، وارتفعت تلك الصادرات الى 87 مليار دولار في سنة 2002 ويتوقع ان تصل هذه السنة الى 340 مليار دولار.
وصرح بوروز الماس الصحفي التركي المعروف لموقع شار(موقع الكتروني في كردستان العراق ) "صحيح ان حزب العدالة والتنمية يتبع برنامجا معتدلا في الشرق الاوسط ولكن للنفط ايضا اثاره على الانفتاح التركي على اقليم كوردستان، لهذا اذا لم يكن هناك وجود للنفط فان تركيا لم تكن لتقيم اية علاقة مع اربيل".
واشار الماس الى ان تركيا لا تستطيع اهمال كورد العراق واذا تم تخييرها بين العراق والاقليم فانها ستختار الاقليم. ويعزو السبب الى انه اضافة الى ان اقليم كوردستان هو سوق لتصريف البضائع التركية فانه في نفس الوقت يملك كميات كبيرة من النفط تم العثور على القليل منها لحد الان.
ويشير الصحفي التركي الى ان العلاقة بين تركيا واربيل حدث مهم في المنطقة، ويعتقد ان الانفتاح ليس مهما فقط من الناحية الاقتصادية بل مهم ايضا من الناحية السياسية ايضا، حيث استطاعت تركيا تحويل اقليم كوردستان الى قاعدة رئيسية لبناء السلام في تركيا.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها شار فان هناك محاولات كثيرة لتحويل اتجاه كميات النفط الى تركيا بدلا من ايران في العام المقبل. وكان هذا بطلب من تركيا. ولكن حسب مصدر فان الاتحاد الوطني يتحفظ على ذلك ويرى ضرورة المحافظة على تلك النسبة دون زيادة او نقصان.
وصرح الدكتور كامران سليم الخبير في الاقتصاد والعلاقات الدولية لموقع شار ان "اقليم كوردستان سوق رائجة لتركيا ومصدر نفطي كبير لتلك الدولة، ولكن مهما كانت نظرة تركيا للاقليم فان الاقليم سيستفيد كثيرا من تركيا".
ان طموح تركيا اكبر من ان تحصل على نفط الاقليم عبر الشاحنات، هناك محاولة الان لمد انبوب للنفط والغاز بين اقليم كوردستان وتركيا باستطاعته نقل 10 مليارات متر مكعب في السنة. في هذا السياق اعلن رجب طيب اوردوغان رئيس وزراء تركيا ان بلاده تريد مد انبوب لنقل النفط والغاز من اقليم كوردستان الى تركيا. في نفس الوقت اعلن نيجيرفان برزاني رئيس حكومة اقليم كوردستان اثناء سفره الى تركيا انهم بدأوا مشروعا في مجال النفط مع تركيا وسيشهد المشروع دفعة جيدة الى الامام في المستقبل القريب.
ويقول الدكتور كامران ان كورستان تمثل خزانا للنفط والغاز الطبيعي لتركيا حيث تستطيع تركيا تقليل استيراداتها في مجال الطاقة من الدول الاخرى. ومع ان هذه الخطوة اصبحت محط قلق وغضب الحكومة العراقية اضافة الى امريكا، ولكن تركيا تنظر الى خزان النفط في حدودها الجنوبية باهمية اكبر من نظرتها الى قلق وغضب الحكومة العراقية. ويعتقد الدكتور كامران ان "الاقليم اذا لم يفكر بروية فان تركيا تطمح الى استنزاف الاقليم وافراغه من النفط".
وكان نيجيرفان برزاني قد اعلن في اخر تصريح له لجريدة الشرق الاوسط ان الاقليم اصدر لحد الان 76 مليون برميل من النفط وان مردودات تلك الصادرات دخلت الخزانة العراقية، واوضح ان باستطاعة الاقليم تصدير 250 الف برميل من النفط يوميا وانه استطاع رفع تلك الكمية الى مليون برميل نفط يوميا العام الماضي.
وتعتبر( جنرال انرجي )اكبر شركة تركية في مجال النفط وهي مشغولة حاليا باستخراج النفط في اقليم كوردستان. وتقوم الشركة الان باستخراج النفط من حقول طقطق(القريبة من مدينة كوسنجق ) وتصديره عن طريق الشاحنات الى تركيا. وحسب المعلومات التي حصلت عليها شار من مصادر خاصة في وزارة المصادر الطبيعية فانه من المقرر ان ترسل تركيا العديد من الشركات ومعامل تصفية النفط الى كوردستان.
وحسب احصائات وزارة المصادر الطبيعية فان كميات النفط الخام الاحتياطي الموجودة في اقليم كوردستان تصل الى 45 مليار برميل، ويصدر الاقليم حاليا 50 الف برميل من النفط الى تركيا يوميا ويصدر 25 الف برميل من النفط من حقل طقطق يوميا. وقد تم بيع اول كمية من نفط الاقليم في الاسواق العالمية في شباط الماضي وبلغت كميته 30 الف طن بسعر 22 مليون دولار.
وتعمل حاليا 50 شركة متعاقدة مع اقليم كوردستان (مع الوزير آشتي هورامي بشكل خاص )على استخراج النفط من حقول الاقليم. ومن اهم تلك الشركات شركة (دي ان او) النرويجية و(ايكسون موبايل) الامريكية و (غازبروم ) الروسية و(شيل) البريطانية و(جنرال انرجي) التركية و(توتال) الفرنسية و(شيفرون) الامريكية، ولكن هذه العقود تواجه انتقادا قويا من الحكومة المركزية حيث تعتبرها انتهاكا للدستور بالمقابل فان المسؤولين في الاقليم يتهمون بغداد بانهم وقعوا تلك العقود طبقا للدستور العراقي.
مقالات اخرى للكاتب