كووورة: قبل عشرة أيام على انطلاق مونديال البرازيل لكرة القدم، لا يزال عدد من الملاعب الاثني عشر التي تستضيف المباريات يفتقد لمقاعد على المدرجات. ويبرز إلى جانب تأخر إنجاز التجهيزات اللوجستية تصاعد المخاوف الأمنية على خلفية الاحتجاجات المطلبية.
وكانت سلسلة من التحركات النقابية قد شلت حركة النقل في مدن كبرى مثل ساو باولو، حيث ترك سائقو الباصات حافلاتهم في منتصف الطرق معطلين المرور. وتطورت الاحتجاجات إلى اشتباكات مع الشرطة، مما أثار قلقاً من انعكاسها سلباً على سلامة المباريات.
وشملت الاحتجاجات اعتصامات لمجموعات من الهنود الذين أطلقوا السهام على الشرطة في برازيليا مطالبين بترسيم أراضٍ تعود لأجدادهم.
غير أن هذه المخاوف لم تطغ على الأجواء الاحتفالية المتصاعدة مع اقتراب موعد المونديال، وهو ما جعل شعار "لن تكون هناك كأس" الذي أطلقه معارضو تنظيم البطولة العالمية يتراجع شيئاً فشيئاً لمصلحة سؤال يتكرر بوتيرة متزايدة مؤخراً: "لمن ستؤول الكأس؟"
وتؤمن وسائل الإعلام البرازيلية تغطية مكثفة لتدريبات المنتخب البرازيلي في بلد يفاخر بفوزه بكأس العالم خمس مرات، وذكرت تقارير بأن جيشاً مؤلفاً من 1600 صحافي يتابعون كل شاردة وواردة عن بطل العالم خمس مرات. وتتناقل مواقع التواصل الاجتماعي صورة للرئيسة البرازيلية ديلما روسيف مرفقة بالنص التالي: "أراك تكتب على فيسبوك أن كأس العالم لن تقام لكنك في الوقت عينه تخطط لمتابعة المباريات مع أصدقائك."
مدرجات غير مكتملة
وشهد ملعب نادي كورنثيانز في ساو باولو الذي سيستضيف حفل افتتاح المونديال والمباراة الأولى بين البرازيل وكرواتيا تجارب ثانية أقيمت على عجل أمس الأحد، غير أن الموقع ما زال قيد الإنجاز.
ولا يزال تجهيز المدرجات بعشرين ألف مقعد موقت معلقاً في انتظار التأكد من مطابقته معايير السلامة اللازمة، بعد أن أدت وفاة أحد عمال البناء إلى تأخير العملية، في واحدة من ثماني حوادث وفاة خلال إنجاز الملاعب في الآونة الأخيرة.
كما أن المدرجات في كوريتيبا وكويابا وناتال وبورتو أليجري ما زالت غير مكتملة بنسب متفاوتة، علماً أن الموعد المحدد لإنجازها كان في 31 ديسمبر الماضي.
ومع التأخير في الاستعدادات وتجاوز تكاليفها المقررة، وضع المنظمون جانباً معظم المشاريع الأخرى التي كانت مقررة، من التحسينات في أحوال الطرقات العامة إلى شبكات المترو والقطارات.
ويقدر عضو اللجنة التنظيمية النجم البرازيلي السابق رونالدو أن تكون 30 في المئة فقط من البنى التحتية الموعودة للمونديال جاهزة في موعد انطلاقه. وكانت البرازيل اختيرت لاستضافة كأس العالم في العام 2007، غير أن معظم الأشغال تأخرت عن جدولها المحدد.
تحديات أخرى
وتبرز تحديات أخرى أمام البلد المنظم مثل ضعف شبكة الاتصالات والانترنت في عدد من المناطق.
ومن أبرز المشاريع المتأخرة تلك المتعلقة بإعادة تأهيل المطارات التي يشهد معظمها اكتظاظاً وحالة من الإهمال، رغم أن روسيف أكدت جاهزيتها لمواكبة الحدث العالمي. وكانت سقوف المراحيض في مطار مانوس شمال البرازيل قد انهارت جزئياً في مايو الماضي بسبب الأمطار الغزيرة.
وقد توالت التظاهرات المناهضة لاستضافة المونديل منذ عام وتخللتها أعمال عنف. ورغم تراجع وتيرة الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة، ما تزال هناك مخاوف من احتمال تصاعدها مجدداً خلال المونديال.
وكان مئات الآلاف قد نزلوا إلى الشوارع منذ يونيو 2013 للاحتجاج على الاستثمارات المالية الضخمة في المسابقات الرياضية وللمطالبة بتحسين الخدمات العامة.
ودفع هذا السلطات البرازيلية لوضع 157 ألف شرطي وجندي في الخدمة لتأمين سلامة المباريات طوال فترة المونديال.
لكن عدوى الإضرابات التي وصلت إلى الشرطة أخيراً، والتهديد بتصعيد وتيرتها خلال البطولة، زادت من المخاوف في بلد يشهد نسبة مرتفعة في معدل الجرائم.
ويشكل نجاح السلطات في تنظيم المونديال تحدياً بارزاً للرئيسة الحالية روسيف عشية انتخابات رئاسية مقررة في أكتوبر المقبل. ورغم أن المراقبين لا يتوقعون أن تؤثر مجريات المونديال على حظوظ روسيف المرتفعة في إعادة انتخابها، إلا أن خشية تبرز من عدم إحراز المنتخب البرازيلي للقب، ما قد يعيد زخم الاحتجاجات إلى الشارع.