اخجل من نفسي كثيراً حين ارى علباً من التمر! انيقة جميلة، كتب عليها ما يشير الى انها مصنوعة من تمر اماراتي او سعودي او ايراني، ولا اجد علبة واحدة كتب عليها انها تمر عراقي!.
هل يعقل هذا؟. نحن بلد النخيل والتمور الاشهر والالذ والاصفى والاجمل من كل انواع التمور في العالم يصبح عزيزاً علينا ان نجد علبة من تمر البصرة.
تشير احصائيات قديمة الى ان عدد نخيل البصرة تجاوز الثلاثة عشر مليوناً، فتصوروا هذه المساحة الهائلة التي نبتت عليها نخيل البرحي والخستاوي والزهدي والبربن وعشرات الانواع الاخرى.
كان يمكن بل ذلك مؤكد، ان الزراعة وخاصة في مجال زراعة النخيل ان تشكل مورداً اقتصادياً كبيراً للعراق لا اقول انه بديل عن النفط ومنتوجاته ولكنه مورد هام على اية حال يضيف الى ميزانية الدولة بنوداً من الايرادات تغطي جانباً كبيراً من النفقات في ظل ازمة ما تنشأ لهذا السبب او ذاك، كما هو حاصل الان.
هل تصدق ان كاليفورنيا الان تمتلك الافاً من انواع النخيل العراقي اصبحت جاهزة الان للتصنيع لان الحاصل الزراعي يدخل في ميدان الصناعة بعد مواسم الحصاد، كبساً وعصراً فيستفاد من السكر الذي فيه ومن النوى كعلف للحيوانات وغير ذلك يدخل في جانب التصنيع.
واذ لا يقتصر الامر على البصرة ام الخير، فان الامر يتعدى الى مدن عراقية عديدة اخرى خاصة في المناطق الغربية من البلاد حيث تزدهر ايضاً زراعة النخيل ولكل منطقة نوع من التمر تعرف وتشتهر به، ولقد كنا نشارك في المعارض الدولية بانواع تمورنا المغلفة والانيقة والمسحوبة بدون نوى والمطعمة بالجور وكل ما كان يجلب الانظار ويفتح الشهية!
والان، ادخل اي محل تجاري فسوف لن تجد تمر بلدك، ولكنك سنجد تمراً مستورداً من تونس والجزائر وكان ارض العراق اصابها مرض الدوباس الذي يصيب عادة النخيل، وتوقفت الارض عن دفع جذوع النخيل الى الاعلى، باسقات جميلات بسعفها وعذوقها المتدلية بالذهب الاصفر، وبكل ماننتجه النخلة التي هي اجمل من كل انواع الاشجار الاخرى، فلا شيء فيها الا وله فائدة يعرفها العراقيون سواء كانوا من المزارعين اوغير المزارعين واسألوا اصحاب الشأن سوف تجدون الجواب على ذلك..
انها دعوة الى الجهات المسؤولة، وخاصة الجهات الاقتصادية والزراعية للاهتمام بهذا الجانب الزراعي والاقتصادي والصناعي تثميناً لدور النخلة في حياتنا وقيمتها الجمالية والغذائية.
مقالات اخرى للكاتب