العراق تايمز / في الوقت الذي لازال مسلسل المهازل البرلمانية في العراق مستمرا، في خضم المحاصصات والمساومات السياسية العراقية وكذا إستخدام الحصانة البرلمانية من قبل بعض مَن دخلوا بقدرة قادر تحت قبة البرلمان وهم لم يحلموا بذلك يوما، رفع البرلمان الأوروبي الثلاثاء الحصانة عن مارين لوبن زعيمة "الجبهة الوطنية" اليمينية المتطرفة في فرنسا (الصورة) بناء على طلب من نيابة ليون التي ترغب في ملاحقتها قضائيا، بتهمة "التحريض على الكراهية العنصرية" حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.
وقد جاء قرار البرلمان الاوروبي الثلاثاء ليسمح للقضاء الفرنسي ان يلاحق رئيسة الجبهة الوطنية اليمينية في فرنسا بعد تصريحاتها التي شبهت فيها اقامة المسلمين "للصلوات في الشارع" ب"الاحتلال"، حيث صوت النواب الاوروبيون الذين اجتمعوا في جلسة عامة في ستراسبورغ برفع الايدي لصالح رفع الحصانة عن لوبن النائبة في البرلمان الاوروبي منذ 2004.
وبينما يكون هو هذا سبب رفع الحصانة لهذه البرلمانية الاوربية فان الحصانة للبرلمانيين العراقيين التي تمنحهم الحماية القانونية جعلت البعض منهم يختفي وراءها لممارسة أعمال غير قانونية أو حتى غير اخلاقية داخل المجتمع العراقي.
واذا ما القينا نظرة بسيطة في الوضع المالي لأغلب هؤلاء والذين يمتنعون لحد الآن عن الإعلان رسمياً عن حساباتهم وممتلكاتهم وكشوفاتهم المالية، التي تشكل سبباً يمكن للقضاء العراقي ان يستند عليه للمطالبة برفع الحصانة البرلمانية عن مثل هؤلاء الذين أثروا ثراءً يستطيع حتى أكثر الناس غباءً ان يثبت بأن مثل هذا الثراء لا يمكن ان يتحقق بالرواتب والمخصصات الشهرية التي يتقاضاها هؤلاء ، على ضخامتها ، إذ ان هناك تقارير من جهات مختلفة محلية وعالمية تشير إلى بلوغ ثروات بعضهم بمليارات الدولارات الأمريكية.
وفي الوقت الذي كانت لوبن قد نددتبقيام مسلمين ب"الصلاة في الشارع" ووصفته ب"الاحتلال من دون دبابات ولا جنود الا انه مع ذلك يبقى احتلالا" انها تعتبر ان جنحتها الوحيدة هي انها "تجرأت على قول ما يفكر به كل الفرنسيون، اي ان الصلوات في الشارع- والتي اقول لهم انها مستمرة في الاراضي الفرنسية - هي احتلال".
وتابعت لوبن في حديثها التلفزيوني الاثنين "اتمسك بكلامي ورفع الحصانة النيابية عني سيصوت عليه خصومي السياسيون من اليمين واليسار، ولا مشكلة عندي في ذلك".
واعتبرت ان الهدف من ذلك "محاولة ترهيبي" مضيفة "الفت الى ان الحصانة تبقى سارية على نواب يختلسون المال" لكن "حين يتعلق الامر بتصريحات سياسية تجري محاكمة (...) وآمل في ان اكسبها" كما اعربت عن تمسكها "بحريتها للتعبير"
وبموجب بروتوكول للاتحاد الاوروبي حول الامتيازات والحصانات، يتمتع نائب اوروبي "بالحصانة بسبب آرائه والتصويت الذي يعبر عنه خلال مهامه البرلمانية وبالحصانة البرلمانية التي تشمل من حيث المبدأ حماية من الملاحقات القضائية".
لكن القضاء الاوروبي رأى في حالات سابقة انه "لكي تشمل الحصانة رأيا ما، يجب ان يكون النائب قد عبر عنه خلال ممارسة مهامه البرلمانية مما يتطلب وجود رابط بين الآراء التي عبر عنها والوظائف البرلمانية".
واوضحت محكمة العدل الاوروبية ان هذا الرابط "يجب ان يكون مباشرا وواضحا".
وقال مصدر برلماني انه في حالة لوبن "لا علاقة مباشرة" بين تصريحاتها ومهامها النيابية.
وبينما يبقى هذا رأي القضاء الاوربي فان تزوير الشهادات والوثائق التي نبغ فيه بعض مَن يحملون الحصانة البرلمانية في العراق لاوال ساري المفعول دون محاسبة او وجود اي اطار قضائي . ناهيك عن التشهير بالآخرين وابتزازهم وتهديدهم الذي يمارسه البعض دون رادع او خوف حيث أن هذا البعض أمِن العقاب الذي من خلال الحصانة البرلمانية .
وقد تكون هناك بعض المخالفات القانونية لبعض اصحاب الحصانة التي لا يسمح مجتمعنا بإعلانها كالقضايا الأخلاقية مثلاً لتظل بعيدة عن متناول القضاء، فيجري تخلص مرتكبيها منها بدفعهم الملايين لضحاياهم ، والتي لا تشكل بالنسبة لهؤلاء سوى مصرف جيب يومي.
وعليه فان المطالبة بإلغاء الحصانة البرلمانية في العراق حتى وإن تعارضت هذه المطالبة مع العرف العالمي السائد، تبقى غير مجدية .
وان عدم جدوى هذا الطلب سببه هو ذاك السبب الذي إنطلق منه المتنبي في عتاب أميره سيف الدولة الحمداني حينما قال له : فيك الخصام وأنت الخصم والحكم. فهؤلاء المحتمون بالحصانة البرلمانية هم موضوع التستر بها وهم الذين سيقرون قبول هذا الطلب وتحويله إلى تشريع يعاقبهم انفسهم .