هناك حالة ( مع و ضد ) فيما يتعلق بنشوء الربيع العراقي اليوم او غدا او ان العراقيين فعلا ً عاشوا هذا الربيع مع سقوط بغداد عام2003 ، وبعد عقد كامل العراقيين لم يتفقوا لحد الان هل ما حدث في عام 2003 هو احتلال ام تحرير للعراق ،
و اليوم يعيش المواطن العراقي في حالة تناقض دائم ما بين همومه اليومية و تطلعاته المخيبة دوما املها نتيجة مجموعة من المعوقات تقف ضدها ،
منها فيما يتعلق بالنظام التشريعي للعراق الجديد وهو الدستور الذي منح حقوق كاملة للدولة ومؤسساتها و اهمل بصورة كبيرة حقوق الشعب وحقوق الفرد الواحد وهذه حالة هي فجوة التي وضعها الذين اعدوا الدستور لانهم يعلمون ان ذلك سوف يقود الشعب العراقي يوما ما إلى تمرد على دستوره وحكومته ودولته بالكامل ورجوع الى المربع الاول .
ونرى اليوم تخصيصات المالية لمجلس النواب وللحكومة وللرئاسات و للقضاء ولمفوضية انتخابات و اجهزة الامن كل ذلك لها حصة الاسد من حقوق المواطن العراقي وكل تلك المؤسسات هي داعمة للفساد ،
كما وان انتماء الفكري والعرقي والمذهبي هو سبب اخر في عدم توحيد كلمة العراقية بوجه الفساد الامر الذي استفاد منه كثيرا ً الكتل السياسية لترويج لخاطبها عبر الإعلام العراقي الهش الضعيف الموالي للكتل التي تدعمها ،
كي تحصل ثورة حقيقية في العراق فهذا حلم لن يتحقق على الإطلاق بل ما سيحدث حالة تمرد وضياع و القتل والنهب والسلب ثم نشوء نظام جديد وكتابة دستور جديد وإقامة دولة جديدة على نهج فكري معين ... فالان لدينا دولة محاصصة الطائفية والعرقية فيها القوي يحكم الضعيف ويهمشه والقوي هو الذي يمتلك دعما ً اجنبيا كاملا ً .
العراق اليوم هو نقطة قوة لايران وامريكا وروسيا الذي اتفقوا على تقاسم المصالح للفترة الحالية و الدول الجوار تساهم بذلك وهذا ليس بامر جديد و يجب ان لا ينكره اي مواطن عراقي .
قبل ان يحدث اي ثورة في العراق يجب وبكل قوة ان يثور كل عراقي على نفسه وعلى فكره وعلى عقليته وعلى حياته الاجتماعية وعلى انتمائه العرقي والمذهبي ليتسأل كل فرد منا ماذا حقق طوال تلك العقود وماذا مثل له انتمائه وإلى اين سوف يصل !!
العربي السُني ماذا يريد من العراق وكيف يرى واقعه !! و ماهي حلول الانقسامات الحادة الحاصلة بينهم وبسبب عقلية قادتهم . انا اتحدث عن المواطن وليس السياسي
وكذلك العربي الشيعي ماذا يريد وأين ينتهي به المطاف وسط هذا الكم الهائل من الالتزام العقائدي والفكري تجاه مرجعياته وكيف يرى نفسه بعد 20 عاما ً ؟؟ وهل سيحقق له الاحزاب الشيعية التي تتصدر زمام الحكم تطلعاته فكلنا نعلم ان المواطن الشيعي من جنوب العراق هو الاكثر تضررا ً من الحكومة ولدينا اصدقاء عديدون نتواصل معهم ونعرف واقع حياتهم وحياة الناس حولهم.
وكذلك المواطن الكوردي عليه ان يتسأل متى سوف يحقق حلمه المصيري وهل بإمكان قادته السياسيين الذي يتربع الفساد والخلافات الداخلية فوق اجندات اجتماعاتهم بصورة مستمرة ، وكذلك لولا الدعم الاجنبي والرعاية الاجنبية لسياستهم لمَ وصلوا الى ما هم فيه اليوم .. مع جُل اعتزازي بالمواطن الكوردي المكافح دوما وهل يتسأل المواطن الكوردي ماهو حلول قضايا انتحار النساء و طمس حرية الرأي ومنهج عدم تقبل الاخر و اهمال حقوق الانسان و كل ذلك اين سيضع اصالته بين هذه المخلفات وجميعنا نعلم هذه الحقائق و الإعلام الكوردي المهني يتحدث عن ذلك باستمرار .!!!
والمواطن التركماني الذي لم يقدر ان يثبت نفسه بصورة فعلية في الساحة العراقية نتيجة محدودية جهوده السياسية وصعوبة مهمة التعريف بنفسه لدى اشقائه العراقيين نتيجة منهج عدم تقبل الاخر وخصوصا لو كانت الاصالة والتحضر من سماته وهي ما ورثت عن الانظمة العراقية السابقة التي همشت دور هذا المكون الاصيل ، كما وحياة الاجتماعية للمواطن التركماني التي تتصف بالعزلة و التفرغ لحياة اليومية و الحرص على السُلم جعلته يقف حائرا ً امام رغابات التغيير ما بين ضرورة اختلاطه مع شركائه العراقيين وما بين استهدافه المستمر بغية تهجيره و تطهيره عرقيا ً . وما هي الخطوات الضرورية التي تتوجب منه ان يتصدر مبادرتها لتصحيح مساره وتحديد مصيره واضعا حساب لكل الاحتمالات القائمة من خلال تقسيم العراق او الحافظ على وحدته .وكذلك مستقبله الثقافي والحضاري في بلد التمرد على الثقافات .وكيف يغير المفاهيم الخاطئة التي كتبت عنه في مناهج التعليم .
باختصار يا حضرات ... العراق اولا بحاجة لثورة على نفسه كل فرد في العراق وكل مكون في العراق بحاجة الى ثورة في داخله وإلى تغييرات كبيرة حاسمة تؤدي تلك الخطوات الى الثورة العراقية الكبرى لبناء دولة الانسان و دولة الفكر والتحضر و دولة حقوق الانسان و دولة تقبل الاخر ودولة بناء الاجيال ...
هذه مسميات حينما يقرأها العراقي فسوف يسخر من كلماتي يقول هذا حلم !!!؟؟ بينما لو يقرأها عميل دولة اجنبية فسوف يراها كابوس بكل تأكيد .
وهذه اكبر مشكلة الفرد العراقي ...هو وصل إلى حد الاكتفاء بالكهرباء والماء وشارع مبلط و راتب جيد بينما هناك تفاوت كبير بين الافراد فهناك مواطن ينام من تخمة الكسل والخمول والراتب الجيد وبجهود بسيطة كونه موظف ما ، بينما هناك عامل يعمل 17 ساعة في اليوم من اجل قوت يومي بسيط وينتظر سنوات كي يبني بيتا ً ؟!! هذه مشكلة فعلا ً نتيجة النظام القائم الغير العادل .
الامر لا يحتاج وقتا ولا قانونا ً ولا نظاما ً ولا انتخابات ولا حكومة ... الامر بحاجة إلى إيمان عميق بحاجة الى التغيير
بحاجة إلى التجرد من تاثيرات السياسيين واجنداتهم ..وبحاجة إلى التجرد من العنصرية والتفرقة ...وإلى تقبل الاخر كونه انسان ،وبحاجة إلى نسيان الماضي و التحرر من مشاعر الحقد تجاه شريكه الاخر في الوطن ..
الانسان العراقي بحاجة إلى ان يفكر كمانديلا ...ويشعر مثل غاندي و يبادر بعقلية هتلر بان يجعل العراق فوق كل البلدان و يجعل من العراق نموذجا للتحضر ...
الحقيقة الوحيدة هي ان جميع الكتل السياسية اخذت حقوقها على كل الاصعدة والمتضرر الاول والاخير هو المواطن العراقي العربي السني والشيعي والكوردي والتركماني والاشوري والكلداني ..
بامكاننا ان نعيش بصورة افضل حينما نكون مع بعض نتعلم ثقافات بعض ،نشارك افراح بعض، نواسي احزان بعض ،نتعلم لغات بعض .
ببساطة العراق الجديد صُنع ليفترس آصالة المواطن العراقي و تدمير هويته الحضارية و ثقافته المدنية .
والحل هو ثورات كبيرة من داخلنا اولاً ومن داخل انتمائتنا ثانياً و ثم للعراق ثالثا ً..والله اعلم .
ملحوظة : انا احترم كل مكونات العراقية ...ولدي اصدقاء من جميع المكونات واجيد جميع اللغات وأي مفهوم سلبي هو ضد قيادتها السياسية فقط ولا تمس المكون نفسه .
مقالات اخرى للكاتب