نصت المادة السابعة من الدستور العراقي لعام 2005 على ضرورة حظر حزب البعث وكل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي أو يمهد او يروج او، وينظم ذلك بقانون، أي ضرورة اصدار قانون ينظم هذا الحظر.
ومنذ اكثر من عشر سنوات والاحزاب السياسية تخوض سجالات ومفاوضات ومساومات حول اقرار القانون وصيغته ومسودته التي عدلت اكثر من مرة، واجلت قراءته لعدة سنوات، إلى ان تمكن البرلمان العراقي الحالي من تمرير القانون والتصويت عليه يوم السبت 30 تموز / يوليو 2016، فما هي ابرز الملاحظات التي تسجل على هذا القانون؟ وما هي ابرز الكيانات والنشاطات التي نص على حظرها ؟ وضمن أي القوانين يصنف ؟ وما هي ابرز الجرائم التي يعاقب عليها ؟
ملاحظات على القانون:
ان الاسم الكامل للقانون هو
(( قانون حظر حزب البعث والكيانات والاحزاب والانشطة العنصرية والارهابية والتكفيرية )) أي ان القانون يشتمل على حظر حزب البعث واي حزب او كيان يمارس الانشطة العنصرية والتكفيرية والارهابية والتطهير، ويحظر اي ممارسة تندرج تحت اطار الانشطة المحظورة فيه، ولكن الاعلام وغالبية نواب التحالف الوطني يروجون لجعله قانون لحظر حزب البعث فقط من اجل تحقيق مكسب سياسي امام الجماهير التي يمثلونها، بينما هو قانون لحظر حزب البعث ومجموعة من الانشطة العنصرية والتكفيرية، والاصرار على تسميته بقانون حظر حزب البعث تفقد القانون اهميته وتفرغه من محتواه .
لا يستلزم القانون رفع دعوة لمعاقبة المخالف لبنوده، وانما تتولى دائرة الاحزاب في مفوضية الانتخابات مراقبة الاحزاب والكيانات للتأكد من عدم ممارستها اي من الانشطة المحظورة في هذا القانون ولها صلاحية استدعاء الاشخاص واجراء التحقيق الاداري في المعلومات التي تحصل عليها.
القانون يعد نافذاً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ويعاقب على اي عمل يحظره بعد نفاذه ولا يسري باثر رجعي وهو ما يميزه عن قانون المسائلة والعدالة المزمع اقرار لاحقاً، و الذي يسري على افعال ارتكبت قبل اقراره.
لغة القانون فيها ضعف وبعض الاخطاء الاملائية، فيستخدم حيث للتعليل بينما الاصح استخدام إذ، كما يرد فيه ساهم والاصح اسهم ، وذكر القانون مجد له والاصح مجد به ، واشار القانون في احدى بنوده إلى: (على خلفية تميز ديني او قومي او سياسي او استراتيجي ) فما المقصود بالتميز الاستراتيجي هنا؟
أما الانشطة التي نص على حضرها فهي: حظر حزب البعث ومنعه من ممارسة اي نشاط سياسي او ثقافي او فكري، وحظر كل كيان او حزب او نشاط او نهج يتبنى العنصرية أو الارهاب او التكفير أو التطهير الطائفي او القومي او يحرض او يمجد به او يروج له.
أما بخصوص تصنيف القانون : فيمكنا القول انه من القوانين العقابية او الجزائية التي تشتمل على تحديد وتنظيم اجراءات وعقوبات لم ينص عليها قانون العقوبات العراقي، وهذا القانون ينظم ويحدد الاجراءات والعقوبات الكفيلة بتنفيذ الحظر ومعاقبة المخالفين للقانون.
الجرائم التي يعاقب عليها القانون:
حدد القانون ستة انشطة او افعال عدها جرائم يعاقب عليها اذا ما ارتكبت بعد نفاذه وهي:
الانتماء الى حزب البعث او الترويج لأفكاره او اراءه او كسب شخص للانتماء للحزب، وعقوبتها السجن عشر سنوات .
نشر او المساعدة على نشر افكار حزب البعث أو الانشطة العنصرية او التكفيرية او الارهابية من خلال وسائل الاعلام، وعقوبتها السجن مدة لا تزيد على ست سنوات .
انتهاج او تبني العنصرية او التكفير او التطهير الطائفي او القومي والتحريض عليه او الترويج له كسلوك اجتماعي او سياسي، وعقوبة ذلك السجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات.
تعامل الموظف او المكلف بخدمة عامة بازدواجية او تمييز مع المواطن او الموظف الاخر لأسباب طائفيةٍ او قوميةٍ او دينيةٍ، ويعاقب الموظف الذي يحرم مواطن من حقه او يعرقل انجاز معاملته الرسمية للأسباب المذكورة بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات، بينما يعاقب اي موظف يعاقب موظفاً اخر او يحرمه من حقوق وظيفية لأسباب تميزية بالحبس دون تحديد مدة.
الادعاء الكاذب بالتعرض للتمييز الطائفي او القومي او الديني، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من ثبت بطلان ادعاءه قضائياً.
ممارسة التهجير القسري الطائفي او الديني او القومي، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات كل من استخدم القوة او الترهيب لإجبار مواطن على ترك محل سكناه المعتاد للأسباب المذكورة.
وعليه إذا ما طبق هذا القانون بعد نفاذه بصورة صحيحةٍ ودون تمييز فإنه سيؤدي إلى: منع الانتماء إلى حزب البعث او الترويج لأفكاره، منع نشر الافكار العنصرية أو التكفيرية أو الارهابية ومنع ممارستها، ومنع التطهير الطائفي او القومي او الديني، ومنع الازدواجية في التعامل مع المواطن والموظف لأسباب دينية او طائفية او قومية، والحد من التهجير القسري لأسباب تمييزية دينيةٍ أو طائفيةٍ أو قوميةٍ، فضلاً عن منع التصريحات الطائفية والعنصرية او المروجة لها سيما من قبل بعض النواب والسياسيين المعروفين بطائفيتهم.
نخلص مما تقدم إلى ان القانون فيه ايجابيات كثيرة للشعب العراقي عامة فلا تفقدوه قيمته بتسميته (قانون حظر حزب البعث) لمكسب سياسي، فهو قانون لحظر حزب البعث، وقانون لحظر الطائفية، وحضر العنصرية القومية والدينية ومنع التعامل بازدواجية، وقانون لحضر الافكار التكفيرية والارهابية، ومنع التهجير القسري، انه قانون لحظر البعث والطائفية والعنصرية والازدواجية والافكار التكفيرية .
مقالات اخرى للكاتب