أوباما المتهم بالتردد وعدم اتخاذ القرارات التي تحمي سمعة الدولة العظمى انتهى إلى القبول بضربات نوعية لقوات الأسد، وبصرف النظر عن نوعيتها وحجم تدميرها، والمدة التي ستستمر بها الضربات، إلا أنها فرضت تداعياتها بتهمت استخدام الأسد السلاح الكيماوي وهو ما اعتبره الرئيس الأمريكي خطاً أحمر، وقد اتهمت امريكا الأسد استعماله دون رد واضح منها ، إلى أن جاءت الفاجعة الأخيرة فغيرت الأمور من شبه الصمت إلى الفعل العلني .. بحجت الاستخدام للكيمياوي ،
وبعد التصريحات من دول العالم وخصوصا الدول الصديقة والمؤيدة والمساندة الى امريكا واولهم بريطانيا امتنعت عن المشاركة في الضربة والمانية وايطاليا وبعض الدول المؤثرة الاخرى التي لها وزن وثقل سياسي وعسكري واقتصادي وموقع متقدم في هيئة الامم ومجلس الامن،
باستثناء فرنسا التي تريد الضربة بشدة وذلك بعد اعطائها السعودية مناقصة اقتصادية لشركاتها العلمية والعسكرية . بمليار يورو وهو تطوير فرقاطات عسكرية قديمة باجهزة متطورة وحديثة لتاهيلاها بما يواكب التطور العسكري العالمي الحديث والتي من خلالها اشترت فرنسا وضمنت بقائها تحت الطلب وفي اي وقت وتحت اي ذريعة .اضافة الى امريكا وبريطانيا الاساسيتان في التحالف الخليجي .
المحيّر ليس الضربة ونتائجها، ولكن الهروب التام من الحلفاء. ولعل موقف روسيا التي تعد الأهم والأكبر أدركت كعادتها، أن اللعبة أكبر من اللاعب، فهي بإمكاناتها الكبيرة مادياً وعسكرياً، وعدم وجود غطاء من الحلفاء مثلما تحظى به أمريكا جوانب ضرورية بعدم المغامرة،
أما إيران فهي بمحدودية قوتها لا تستطيع منع الضربة ولكن تستطيع التاثير على الخليج والدول المطلة علية وعلى اقتصاد المنطقة ومصالح امريكا واوربا في الخليج وتستطيع ان تشكل خطورة على الابن اللقيط لاامريكا اسرائيل حيث تكون في مرمى الصواريخ الايرانية ،
وتستطيع ان تاثر تاثير مباشر بالقواعد الامريكية في المنطقة والدول الاقليمية القريبة ، مما قد تفتح حرباً شاملة في المنطقة استنزافية تمتد لسنوات تحرق الاخضر واليابس وتكون الخاسر الاكبر بها ..
اما حزب الله آثر الصمت، وبقي رد فعله غير واضح، ويعرف تماماً أن أي هجوم او إطلاق صواريخ على إسرائيل الربيبة اليهودية لاامريكا مثلاً قد يؤدي إلى تدمير جنوب لبنان كله وستكون الأعذار الإسرائيلية مبررة بالاعتداء عليها،
ولاا ظن أن حزب الله يفكر بان الوقت مؤاتي اليه ليجازف بتدمير بنيته التحتية على الاقل في الوقت الحاضر وله اضداد داخل وخارج لبنان ومحادي لااسرائيل وربما إيران نفسها لا تريد مثل هذه المغامرة، وتصر على منعها..لمثل هذه الفكرة ،
العراق لا تؤهله ظروفه في الوقت الحاضر ان يكون طرف مباشر في الحرب ، ولكن يستطيع أن يتحدث باللغة المحذرة، طالما لا يملك القوة العسكرية ولا الأمنية، ولا الاقتصادية ولا حكومة وطنية تفكر بمسؤلية اتجاه شعبها وبمصلحته ، بالاضافة الى النسيج الاجتماعي المتهتك والمحاصصة والطائفية والاجندات الاجنبية والاطماع في الثروات مما يشل حركة وتطور هذا البلد ومواطنيه . وليس لديه غطاء وطني يؤيد الحكومة في بلد منقسم على نفسه ويعيش حالة اضطراب أمني،..واقتصادي وسياسي وعسكري وخدمي وعلمي ،
في هذه الحال سيواجه الأسد وحده تبعات الهجوم العسكري مثله مثل العراق وليبيا وغيرهما، أي إن أمريكا هي من تختار أي إجراء وبدون أن تأخذ إذناً من الكونجرس، أو مجلس الأمن إذا توفرت لها الأسباب التي تدعم تصرفاتها،
وهذا يبين مدى الفجوة بينها وبين دول العالم كله عندما تحدت السوفييت وأنهت أسطورتهم، ونفس الأمر مع قواعدها المنتشرة في قارات العالم وتحيط بدول ليست على عداء معها، ولكنها تضع الاحتمالات والقواعد لما تقول إنه دفاع عن النفس ان تعرض مصالحها للخطرومصالح اصدقائها وحلفائها في العالم ..
هل أخطأ حلفاء الأسد تقدير الظروف والتمادي بدعمه سياسياً وعسكرياً دون فهم انقلاب الأسباب وتغيرها؟ أم أن المزايدات والصمت على مواقف الأسد أبقاهم على نفس القناعة من أن العالم سيبقى متفرج ولايستطيع ان يعمل شئ للاسد واتباعه ومؤيديه ومسانديه ،
ورغم طلب اوباما من الكونكرس الموافقة على ضرب سوريا لاسباب في داخله ولكن لحد الان لم يعطى الضوء الاخضر للضربة ، وخرج اوباما على شاشة التلفزيون محبط وغير مركز وغير منضبط في خطابه وشارد الذهن مستخدما الخطاب الدراميتيكي مخيب الامال الى انصاره واصدقائه لانه بدد امالهم وخيب ضنهم ولم يفي بتعهداته ووعوده اتجاههم ،
وانتصرت ارادة سوريا ضد الارهاب وضد امريكا راعية الارهاب والمدافعة والمساندة له ضد استقرار العالم كما ساندتهم سابقا ضد الاتحاد السوفيتي السابق في افغانستان والعراق وليبيا وتونس واليمن ومصر ، وباشراف واموال سعودية قطرية مباشرة ، وهذه صفعة جديدة لهم كما صفعهم السيسي المصري وقلم اضافرهم ،
وكل ذلك لاجل امن وامان اسرائيل والدفاع عنها باموال خليجية وتسليح اجنبي ومقاتلين عرب ومسلمين ، وخطط مشتركة .
ولكن بوصلة الموازنة الدولية تحولت الى صالحهم فلم تحصل امريكا على غطاء دولي خارجي اوداخلي يؤيدها لضرب سوريا وادخال العالم في دوامة اخرى وتهديد دولي جديد يغير الموازين العسكرية والاقتصادية والجغرافية للعالم . ويدخلهم في انفاق الاتفاقات الدولية والمعاهدات الجديدة وحلفاء وخسائر خارج حدود حقوق الانسان والهيئات الدولية ،
ومصالح امريكا واوربا في العالم العربي والاسلامي المتهتك المضطرب باستثناء منطقة الخليج العربي في الوقت الحاضر امنة وبعيدة عن الحروب والاضطرابات والتي تنعم بامان وبناء وامن مستمر بعيد عن الممارسات الخاطئة التي تمر بها البلدان المشتعلة والملتهبة عسكريا واقتصاديا والتي تدخلت بها الدول الاقليمية والاحزاب والقاعدة واجندات اقليمية اخرى ضمن المعادلة المرسومة خارجيا .
مقالات اخرى للكاتب