تعلمنا مع الأيام إن الحياة لا مأمن منها ولاسيما تلك التي تولد في بلاد لا تعرف للهدوء أوزاناً بل كل ما لها هو ان تكون أشجارها خاوية من أوراق الحيــــــــاة تفر منها حتى الغربـــــان والبوم بلاد صاخبة بأصوات الرصاص لم تذق طعما للمطر في مزارع الخيال يوماً بل حتى تلك القرى النائية أصبحت لها أذن تستقطب أصوات العويل والصراخ.
ليس درساً للجغرافيا ولا وصفاً لبلاد ماتت بها عروس السعادة بل هذا واقع وأمر محتم علينا إدراكه تماماً تماشياً مع نظرية العلم وإكتشاف المحيط للتعايش والتطلع إليه إقرأ على السعادة السلام في بلاد السلام إحزم كل أمتعة الذكريات في حقيبة الحياة وغادر بها إلى اماكن أخرى اماكن ترتقي بها وأخرى تفتح لك ذراعيها ترحيباً هكذا يرغبون أولئك الحكام هذا ما يريدونه من تحريم وتجريم غرس نبتة القرار والإختيار حتى جعلوه يصرخ من تحت الماء مستغيثاً وهل لتلك الأصوات عويل؟ أصوات مخنوقة ليس إلا تتمنى أن ينظر لحركه الشفاه التي نطقتها كي لا تموت لحظة الولادة لعلها تلمس ما تبتغي الوصول إليه برغم صراخ الموت البطيء لم تكن تعلم إن فكرة التخلي عن الصدى مسبقاً هي بداية التنازل لحقوق الأصوات الشرعية بداية لإمضاء عقد الكفالة مع من لا يرغب برؤية البسمة على شفاه الصغار ليلاً حين يبتسمون وهم في الأحلام طيور.
هل يمكن أن نكره الحقيقة؟ ونبغض الواقع؟ وننبذ الحياة؟ نعم بإمكانك فعل كل هذا إكره الحقيقة لكن عليك أن تعرف بأنك ستعيش جاهلاً كأصم يتطلب منه إبداء رأيه في مقطوعة سيمفونية ما إبغض الواقع وعش وكأنك ترفض السير على أرض متحتم عليك عبورها للضفة الأخرى إنبذ حتى الحياة وستجد نفسك طائراً بلا ريش أما أن يستخدم ساقيه ويتخذ من تلك الأماكن التي تخلو منها المفترسات مأوى ويعيش وحيداً أو أن يعد أيامه في تلك الحياة التي نبذها.
بتلك الأساليب الغريبة التي لا تمت للعقلانية بصلة سيكتب التأريخ مراحل النزوح سيكتب فصلاً عن رحلة الموت وفصولاً عن نساء سرقت عذريتهن بوحوش الغابات وخيطت أفواه الحكام عمداً لعجزهم عن أخذ الثأر بقارب شبه الحياة التي ربما ننجو إليها أو أن يكون هو وسيلة موتنا لخلاصنا من أشواك الألم والكدمات لم يعد لذلك الجسد قدرة على صد المآسي لم يعد لتلك العينين نظر لتصور بقايا الجثث والقطع والأشلاء بل لم يكن لذلك العالم مأوى برغم النعم سيكتب التأريخ يوماً عن إسلام لم تتقبل جثثهم حتى تراب أراض الأوطان برغم الوفاء بالصلاة والسجود سيحدث العالم عن قصة الفرار من الموت إلى الموت فحتى الهروب من النيران للخلاص بأرواحنا غدر بنا في القارب وسط البحار حتى يختتم روايته بأن رمز الحياة مياه زرقاء وارض خضراء لكنها تبتلع حتى الأشلاء.
في رحلة الرقص على الأوجاع فوق سطح الماء نستغيث طالبين الحياة هروباً من سهام المحيط على سطح الأرض لكن شاءت الأقدار أن تغلفنا بصحائف الخوف والفزع وترمي بنا إلى أعماق البحار هنا ستحتضننا رماله شوقاً وتمتص آهاتنا وسنرقد بسلام هكذا سيكتب التأريخ حكايتنا.
مقالات اخرى للكاتب