منذ فترة ليست بالقصيرة أصبحت منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد المنطقة العربية منها أشبه ما تكون برقعة الشطرنج التي تتحكم بها أصابع تحرك من تشاء في هذه الرقعة بحسابات الربح والخسارة دون أن يتم حسم الأمر لهذا الطرف أو ذاك في لعبة طويلة لم نكن متفرجين عليها ،بل مشاركين فيها بوصفنا جنودا.
ولعل رقعة الشطرنج هذه فيها أكثر من لاعب منهم رئيسي ومنهم ثانوي،منهم من غاب وتوارى ،وبعضهم لازال يلعب بالطريقة التي تتناسب وحجم ما يقدمه من جنود وأفيال وقلاع،كل هذا يجري كي لا يسقط الملك ويموت،ولا أحد يعرف في منطقتنا الشطرنجية من هو الملك؟هل النفط والغاز؟ أم المياه التي يتوقع البعض أن تكون هنالك حروبا لأجلها؟أم الموقع الستراتيجي بين قارات العالم؟أم المستقبل الذي يقول البعض إنه للمنطقة العربية وليس لغيرها من بقاع العالم؟ لا أحدا رأى الملك الحقيقي الذي يموت الجميع لأجله.
قد يكون الملك متعدد ألأشكال والهيئات،ولكل أجندة من الأجندات التي تعمل ليل نهار في منطقتنا ملكها المتوج الذي يموت من أجله الجنود،لا يهم عدد الجنود الذين يقتلون لأن المعارك لا تحسم بعدد الضحايا من الجنود،لكن يكفي أن يموت الملك لينتهي كل شيء،لكن تاريخ هذه المنطقة يبدو مختلفا عن العالم،لأن ملوكها لا يموتون،نحن نتوهم أحيانا موتهم، لكن الحقيقة التي نخشى إعلانها إن هؤلاء الملوك لا يمكن أن يموتوا،وإلا لانتهت اللعبة منذ زمن طويل.
منطقتنا مغرية جدا لأي طرف أن يمارس فيها هواية لعبة الشطرنج،بغض النظر عن هوية هذا الطرف اللاعب وجنسيته وديانته الكل يمكنه أن يلعب ماشاء له من الوقت ويحرك من يشاء من الجنود ويقتل ما يشاء منهم وينصب من الملوك ما يشاء أيضا.فهذه الرقعة الشطرنجية مر عليها الجميع بجيوشهم وأفيالهم،أما الجنود الذين يقتلون فهم جزء من هذه الرقعة الشطرنجية،هؤلاء الملوك الذين نعرفهم لم يجلبوا جنودهم معهم لأن منطقتنا أرض خصبة وصالحة لزراعة كل شيء وبسهوله تحتضن النبات الجديد وتسقيه وتضحي لأجله دون أن تفكر بمدى حاجة أبنائها لهذا النبات وهل هو مضر أم نافع؟وهذا السؤال لا يخطر في تفكيرنا إلا بعد أن يستنزف منها الكثير،نحن بسطاء وفقراء هذه المنطقة الغنية بالثروات لا نلوم من يأتي يلعب الشطرنج في رقعتنا،لومنا الحقيقي على من وفر له المكان وقدم له التسهيلات وحرث له ألأرض كي يزرع ما شاء له أن يزرع من أشجار لا نعرفها من قبل.وقدمنا إليه جنودا مطيعين لا هم لنا سوى إرضاء الملك المفدى.
منطقتنا لا تحتاج للطائفية وأمرائها،ولا تحتاج لقوات أجنبية تحررنا كي تحتلنا من جديد،ولا تحتاج لقواعد عسكرية أمريكية أو روسية نرهب بها بعضنا البعض،ما تحتاجه المنطقة أن تنتهي لعبة الشطرنج الكبيرة ويموت الملك الجاثم على صدورنا منذ آلاف السنين.
مقالات اخرى للكاتب