في يوم الجمعة الماضية 30 تشرين الأول 2014 حضر جمع من الصحفيين والإعلاميين في مركز النقابة بالنجف الأشرف وأدار الإجتماع الزميل الإعلامي السيد عبد الرزاق السلطاني رئيس الفرع ، وكان محور الموضوع هو اسباب حرمان الصحفيين في النجف الأشرف من تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بمنح الصحفيين في العراق قطع أراضي سكنية وفي أماكن متميزة ، والغريب في هذا الأمر أم محافظة النجف الأشرف المحافظة الوحيدة التي لم يتحمس فيها المحافظ لتنفيذ القرار ، وبقي الصحفيون يشعرون بالغبن والتماير وبمظلومية مشروعة الأمر الذي دعاهم للأجتماع ومناقشة هذا الأمر بروية والاطلاع على مقترحات الحاضرين للوصول الى حل يعيد لهم حقهم ويكون عامل ضغط على المحافظ من أجل أن يتراجع عن قراره المجحف في وضع الكثير من العوائق أمام تنفيذ هذا الحق المشروع .
وخلص الاجتماع بعد أن تحدث الكثيرون ممن حضروا إلى تشكيل لجنة تقوم بزيارة السيد المحافظ وتطلع عن كثب على موقفه والأسباب التي تدعوه إلى التردد في منحهم قطع أراضي سكنية اسوة بزملائهم في المحافظات الأخرى .
والحقيقة أن حرمان صحفيي النجف الأشرف هذا الحق الوطني المشروع يثير الكثير من الشكوك بعدالة السياسيين العراقيين ، ففي الوقت الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام عن توزيع مئات القطع السكنية المتميزة للنواب والوزراء واشخاص متنفذين في أماكن تشرف على نهر دجلة أو في مناطق تجارية وبأسعار رمزية ، وفي الوقت الذي تتحدث الأخبار وبالوثائق عن استحواذ الكثير من المسؤولين في بغداد والمحافظات على العقارات والقطع السكنية في مركز المدينة ، ومنها محافظة النجف الذي تمكن فيه بعض مسؤولي المحافظة الكبار من تسجيل مساكن وعقارات تابعة للدولة بأسمائهم وبأساليب قانونية ملتوية ، وفي الوقت الذي يحتكر الكثير من مسؤولي محافظة النجف الكثير من الأراضي من خلال استغلال قوانين النظام السابق ، وفي الوقت الذي اصبح قانون الاستثمار بقرة حلوب لفئة معينة من المسؤولين في المحافظة تدر عليهم مئات المليارات بعد التوسط للمستثمرين مقابل عمولات هائلة .
نرى أن أؤلئك المسؤولين الذين اتخموا بالأموال والعقارات الغير مشروعة يشعرون بالضيق والحرج في منح صحفيي المدينة حقا لهم مشروع وبتوصية من مجلس الوزراء .
لقد حضرت الاجتماع وشعرت بكثير من الأسف وأنا ارى مشاعر المظلومية تطفح من على أسارير الحاضرين وفي نبراتهم وهم يعرضون تلك المظلومية ، ويفتشون عن مسؤول منصف يعيد لهم حقهم الذي عصف به جشع القوم وطمعهم .. فثمة مؤشرات كثيرة تدل على أن القطعة السكنية التي سبق وأن خصصت للصحفين وبذل من أجلها البعض الكثير من الجهود يتسابق عليها بعض مسؤولي المحافظة لبيعها للمستثمرين وقبض الثمن .
إن العدل في العراق يعيش في أزمة خانقة ، وأن التمايز الطبقي وسيادة ثقافة الاستحواذ على الأموال وأملاك الدولة كنتيجة طبيعية لما يسمى بالمحاصصة وبالشكل الذي يحصل في استحواذ الكتل السياسية بشكل كامل على كل الوظائف الحكومية وخاصة الوظائف المتميزة منها والتي تدر الكثير من العطاء للحزب أو الكتلة أو الشخص .
أقول للمسؤولين في محافظة النجف وخاصة أولئك الذي وضعوا العصا في عجلة الحق الصحفي ، وضاقت صدورهم في منح حق مشروع ، كفى إفراط في الظلم فإن الظلم ظلمات في يوم القيامة ، وأن مواقفكم في غياب القانون في عراق اليوم ، لن توقف السنة الاجتماعية والسياسية الإلهية في أن تفرض قوانينها الطبيعية وتعيد للعراق عافيته الذي استلبت منه نتيجة لغياب العدل والجشع والطمع . وعندها سوف لن يكون أكثر ندما ممن افرط في سلب حقوق ابناء وطنه .

د. طالب الرماحي