في الحلقة السابقة من هذا الحقل ، استعرضت بشكل خاطف وسريع ، ما تناوله (3) شعراء حسينيون بخصوص نهر الفرات ، وحرمان الامام الشهيد الحسين واهل بيته واطفاله وعياله وأنصاره من الارتواء بمائه ، وقتلهم عطشاً من قبل الفئة الباغية التي واجهتهم على ثرى كربلاء في العاشر من محرم الحرام عام /61 هجرية ..
واليوم اواصل الحديث واستذكار بعض اللمحات الشعرية المضيئة لعدد من شعراء المنبر الحسيني واختار واحداً منهم وهو شاعر معاصر ، ما زالت قصائده تنشد من قبل المنشدين الكثُر في شتى مجالس عزاء الحسين (ع) في انحاء متفرقة داخل البلاد وخارجها .. واعني به الشاعر المجدد عبد الخالق المحنة ، الذي اثرى تراث الشعر الحسيني بقلائد براقة من فيض مشاعره الصادقة وعاطفته المتدفقة بالشجن للتذكير بفاجعة الطف ..
هنا في هذا النص الشعري للسيد المحنة (الفصول الاربعة) اجد نصًّا ناطقاً موشحاً بصور شعرية تستفز المشاعر وتوقظ الاحاسيس وتلهب الحماس في النفوس وتؤجج الذكرى ..
جنح الهوه يمّك صفن .. ما حرّك اوراق الشجر
وجه السمه او وجه الارض .. يتلاكن او جسمك ثغر
نومك مثل نوم الجبل .. يغفه ويفز من المطر ..
وانظر الى عمق المعنى في هذا الشطر من تلك المقطوعة ، الذي جسّده واضحاً هذا الشاعر :
(ابن الحنه) ابصدرك رفس .. وانته ارفست صدر الدهر ..!!
ويدخل عبد الخالق المحنة في خضم الحياة اليومية وفواجعها واحداثها الدامية ، وما حادثة جريمة التفجير الارهابي الشرير في منطقة (الكرادة) التي وقعت في منتصف عام /2016 ببعيدة عن الذهن .. ففي (عيد شهيد) يحاور الشاعر المحنه ، ان يقدم لنا تلك الحادثة المروعة بصورة اخرى :
الورد لو مات يتناثر عله البيوت
ما شفنه الورد يحتاج دفان
الورد رايد ورد ما رايد اتراب
الورد بس بالعراق ايموت عطشان
طبع الموت جان ايدوّر اكبار
نسه طبعه او بقه يستنكي شبان
اختنك سوك الملابس ليلة العيد
واجو أولادنه يمشون شبان
ابجمال اشكالهم موجوده قمصان
اختلاف اذواقهم من لبسوا الوان
آسف شاء القدر ابيض يلبسون
توحد ذوقهم من لبسوا اجفان
لبسنه اعليهم اسود من اجه العيد
او صمنه امن الافراح او فُطر رمضان
ايضاً هذه المقطوعة للشاعر المحنة هي الاخرى ضاجّة بالمعاني الجزلة والصور الفنية الرائعة التي يجب تأملها والوقوف عندها طويلاً مثال :
(لبسنه اعليهم اسود من اجه العيد
او صمنه امن الافراح وفطر رمضان)
مقالات اخرى للكاتب