خاص بالعراق تايمز ــ أكد السفير البحريني في بغداد "صلاح علي المالكي" أن المرجعية الدينية الشيعية في النجف لم تتدخل يوماً في شؤون البحرين الداخلية، في إشارة الى الأزمة السياسية مع المعارضة الشيعية في بلاده.
وقال المالكي في مقابلة مع جريدة "العالم" العراقية المستقلة ببغداد نشرت اليوم الأحد إنه إلتقى بالمرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاتي ونقل له رسالة من مستشار الملك للشؤون الدينية، سلمناها وكان مضمونها تثمين الدور الذي تقوم به المرجعية على حد تعبيره.
وعبر السفير "صلاح علي المالكي" عن إعتزاز مملكة البحرين بدور السيستاني وعموم المرجعية الدينية في النجف وقال "إنها دائما ما تسعى الى بناء الأوطان والالتفاف حول راية البلد الواحد".
وقال "المرجعية تثمن جهود جلالة الملك الاصلاحية التي قام بها، واعطاء الحقوق لجميع المواطنين على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم، فننظر اليها بانها صمام امان من هذه الزاوية، وعمرها لم تقم بتحريض فئة على فئة، على العكس انها تنشر رسائل التمسك بالسلم والامان، (السيد اية الله علي السيستاني) ــ حسب قول سفير البحرين ــ دائما ما نتلمس منه الهداية في هذا الطريق، فعلينا بالتآخي، حيث ان المرجعية لا تتدخل بالشؤون السياسية او الطائفية، ومن هذا المنطلق يمكن ان نستند الى المرجعية وهو منطلق النية الصادقة".
التدخل العراقي مرفوض
وأعلن السفير البحريني رفض بلاده أية مبادرات من العراق وغيره لحل الأزمة الداخلية وقال "نحن نقدر تلك المبادرات، لكننا في نفس الوقت من حقنا، فيما اذا كان هناك من حوار ان يكون حوار داخليا، والتفاهم على الامور الوطنية يكون داخل الاسرة البحرينية، ونحن لا نسمح لاي دولة كانت بالتدخل".
وأضاف "نرى ان الوساطة تكون بين الغرباء، وليس بين ابناء الشعب الواحد، ونتفاهم لترتيب امورنا الخاصة". وأكد أن البحرين لم تتدخل في شؤون العراق الداخلية وهو مر بأزمات كثيرة، وهي لاتسمح أيضا بأن يتدخل العراق في شؤون البحرين الداخلية.
وشدد سفير البحرين في بغداد على أنه لا يكترث لما يصدر عن البرلمان العراقي حول الوضع الداخلي في بلاده خاصة بعد سحب الجنسية عن 31 معارضاً وقال "إن البرلمان ليس الجهة التي أتخاطب معها، ذلك أن قنوات التواصل تقتصر على وزراة الخارجية العراقية" وأكد أنها تدعم المسيرة الاصلاحية في البحرين وتؤمن بمبدأ عدم التدخل بشؤون البحرين "اما ما يطلقه بعض الاشخاص من بيانات وسوى ذلك فانا لا اعيره الاهتمام، ذلك اني أتعامل مع الجهة الرسمية التي تمثل العراق خارجيا، وهي وزارة الخارجية والحكومة العراقية، كما ان دولة رئيس الوزراء (نوري المالكي)، أكد خلال حديثه في احدى المرات على ان العراق لا يتدخل بالشؤون الداخلية للبحرين، وضرب مثال في تعاملنا مع العراق في هذا المبدأ".
درع الجزيرة وإيران
واعتبر "صلاح علي المالكي" أن الاستعانة بقوات درع الجزيرة تم وفق اتفاقية مبرمة ضمن مجلس التعاون الخليجي، وأنها لم تتدخل لفض نزاع داخلي" على حد تعبيره، "ويجب أن يعلم الكل بهذا، قوات درع الجزيرة جاءت عندما صار الأمن الوطني مهددا في البحرين، وقد دخلت هذه القوات للحفاظ على المنشآت العسكرية، وذهبت الى جنوب البحرين ولم تشتبك مع اي طرف، والشرطة هي التي قامت بفرض الامن". ولفت الى تهديدات من إيران وقال "ليس هناك أي دليل على أن هذه القوات ضربت افرادا في البحرين، حيث ان هذه القوات ذهبت لحماية المنشآت من هجمة خارجية، ذلك أن هناك زوارقا ستأتي من دولة مجاورة الى البحرين، وهذا موجود في الاعلام وقد رد الأمير سعود الفيصل على هذه الانباء".
وأشار السفير البحريني الى ماسماه الاعلام المعادي للبحرين إن يصور أن البحرين تحولت الى بركة من الدم، "كما أنك حين ترى الاعلام الخارجي عن العراق تتصور أنك لا تستطيع أن تسير في شارع من شوارع العراق. الاعلام المحرض استهدف البحرين وأشاع الكذب".
والسفير "صلاح علي المالكي" هو أول سفير يمثل البحرين في العراق بعد حرب الخليج الثانية. وكان تواجد البحرين خلال الاعوام 2001 ــ 2004 في بغداد يقتصر على تمثيل دبلوماسي محدود لم يرق درجة سفير. وبعد العام 2004 عينت البحرين سفيرا لها في بغداد لكنه تعرض لحادثة اغتيال، فتم اغلاق السفارة في تلك الفترة، وأرسلت المنامة السفير " المالكي" الى بغداد في العام 2008، في ظروف صعبة كانت بغداد تواجهها في ظل الاحتلال.
وقد حظيت الخطوة البحرينية باشادة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي كان قد اعتبر إرسال سفير إلى إشارة ضمنية إلى بقية حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج لكي يسارعوا بتأسيس تمثيل دبلوماسي لبلدانهم في بغداد رغم استمرار الاحتلال.
وخلال تواجده في بغداد التقي السفير البحريني مراجع دين شيعة عراقيين بارزين منهم المرجع محمد اليعقوبي في النجف الذي جاء لقاؤه بالسفير البحريني قبل اندلاع احتجاجات "الربيع البحريني" وأشاد بدور السبق للبحرين إرسال سفير الى بغداد عندما كان العراق يواجه ارهاباً طائفياً في الداخل، وعزلة عربية خليجية بوجه خاص بحجة تردي الأوضاع الأمنية، وزار ايضا برجال دين ايرانيين وباكستانيين وافغان كرجل الدين المبرز علي السيستاني والشيخ بشير الباكستاني النجفي والشيخ محمد اسحاق الفياض الافغاني، وكذلك التقى برجل الدين المعروف السيد حسين الصدر في الكاظمية.
وفي خضم الأزمة بين المعارضة والحكومة، أكد رجل الدين الشيعي في الكاظمية السيد حسين الصدر في بيان بعد لقاء مع السفير صلاح المالكي في أبريل نيسان الماضي "أن الجانبين أهمية الارتكاز على روح الولاء والاخلاص للوطن والاعتزاز بالانتماء لترابه والعمل الجماعي للإرتقاء به". ونوه الصدر بالخطوات الاصلاحية المستمرة التي ذكر أن ملك البحرين يقوم بها في هذا الصدد.
وأضاف البيان: إن السيد حسين اسماعيل الصدر اكد على النهج الاسلامي القويم الذي ينبذ العنف والتطرف والداعي إلى لغة الحوار والتسامح والانفتاح على الانسانية.
اما مكتب رجل الدين المبرز السيد علي السيستاني في النجف فقد صرح بان "السيستاني يثمن جهود ملك البحرين الاصلاحية، وانه متفائل بان ملك البحرين سيتجاوز هذه الازمة المفتعلة ــ حسب قول مكتب السيد السيستاني ــ وان السلام سيعم البحرين اذا تفهم الشعب البحريني خطوات الاصلاح التي بادر بها الملك.
ويرى مراقبون ان لقاء صهري السيستاني السيد جواد الشهرستاني والسيد الكشميري مع سفير البحرين في لندن بواسطة اطراف بريطانية قبل شهر هو الذي كان وراء تصريحات السيستاني الداعمة لملك البحرين، وكذلك يستشف المراقبون ان هناك ضغوطات في لندن على السيد السيستاني من جهات عليها هي التي جعلته ينقلب على الثوار في البحرين.
فيما اكدوا أن السلطات البحرينية فشلت في فرض الحل الأمني للأزمة الداخلية على الرغم من أن المطالب الشعبية للمعارضة، تجري بطرق سلمية، وأن التحريض الاعلامي الذي يتحدث عنه سفير البحرين في بغداد، لايعدو كونه محاولة لنشر مايجري من عنف وقمع ضد المعارضة ، في وقت تتجاهل فيه كل وسائل الاعلام العربية والفضائيات بشكل خاص "ربيع البحرين" لأسباب طائفية.