وازيد .. هذا الماء من مياه الصرف الصحي الذي اختلط بمياه الامطار التي غمرت البلاد في الأيام الأخيرة وكان العبد لله أحد ضحاياها من العراقيين المكاريد وإليكم باختصار ما حل بي يوم المطرة المطيرة الثلاثاء المنصرم.
أكملت الصفحة الأولى ورديفتها الثالثة من صحيفة النهار البغدادية التي ارأس تحريرها التنفيذي , وهما آخر صفحتين تنجزان في الجريدة وغادرت متوجها إلى البيت بعد الاطمئنان على إكمال جريدتنا تمهيدا لإرسال القرص المدمج إلى المطبعة.. كانت الساعة تشير إلى العاشرة وبضع دقائق ليلا عندما انطلقت سيارتنا التي يقودها السائق حيدر المعروف بكناري لدى الزملاء في الجريدة.. الشوارع تمتلئ بمياه الأمطار والمطر يشتد مع ريح قوية.. كانت السيارة تشق طريقها وسط أمواج الماء التي غطّت وجه الاسفلت ولم نعد نتبين الشارع عن رصيفه بفعل ارتفاع منسوب الأمطار.. كناري كان يشغّل بجهازه الآيفون اغنية عبرت الشط على مودك ونحن نعبر شط الشارع الذي تنعكس في حوضه أشعة مصابيح السيارات التي عطّلت بعضها بفعل الأمطار.. المهم كنّا نسير بحذر شديد الى أن وصلنا تخوم شارع المعارض في الحبيبية الذي غرق بشكل واضح وأغلق بوجه السيارات قفلنا راجعين وتوجّهنا الى شارع الداخل وجدنا الحال لا يختلف عن شارع المعارض.. منظر السيارات الجاثمة وهي عاطلة وسط الشارع الموحش والمظلم يشي بحجم الماء الذي ابتلع الشارع.. طلبت من حيدر أن يعرج الى شارع الفلاح الذي وجدناه هو الآخر في اتعس حال وهكذا عدنا أدراجنا نشق عباب المياه بصعوبة بالغة لأترجّل من السيارة قرب حمام المدينة واقطع المسافة التي تقدر بـ 5 كيلومترات سيرا وسط المياه التي وصلت إلى ركبتي فيما كانت زخّات المطر القوية تنزل بقوة مصحوبة بحركة هواء عنيفة تمزّقت المظلة ورميت بها في الشارع.. تعب شديد يتملكني حتى كدت أسقط من الإعياء والمشقة.. وجدت صعوبة شديدة في اجتياز الشوارع التي تحوّلت الى بحيرات حقيقية ولم استطع الوصول إلى البيت إلا بعد حوالي ساعة قضيتها مشيا كارثيا.. المياه تغمر تقريبا نصف جسمي من الأسفل والأمطار تصفعني بقوة من فوق لعنت في سري طارق بن زياد الذي خاطب جنده ذات لعنة (البحر من ورائكم والعدو من أمامكم) يا لله كم طارق هاشمي وغير هاشمي يقتلنا اليوم بإرهابه وفساده؟!.. سرت في جسدي المتهالك قشعريرة غريبة.. بنطلوني الجينز صار ثقيلا جدا لابتلاله بالماء بحيث صار ينزل تدريجيا وأنا أمسك به مرددا مع نفسي: شنو هالشدة يا علي بن ابي طالب؟! أما حقيبتي الجلدية فقصتها قصة! ثقوا بالله اردت إلقاءها في الشارع لولا احتواؤها على أوراق مهمة خاصة بالجريدة فضلا عن وجود أشيائي المهمة كالكاميرا وآلة التسجيل وغيرها.. الحقيبة صارت أقرب إلى الصخرة.. ثقيلة جدا!!
خلاصة القول.. كي لا أسهب أكثر في إيراد التفاصيل التراجيكوميدية في رحلة عودتي المارثونية إلى البيت, وصلت أخيرا لأجد البيت هو الآخر في وضع يرثى له فقد غمرته الأمطار وغرقت غرفة الخطار والهول والمطبخ فصعدت العائلة إلى غرفة الطابق العلوي التي راحت (تخر) فوضعت زوجتي في منتصف الغرفة (نجانة) تمتلئ بين الحين والآخر فيتم إفراغها خارجا وعالهرنة طحينج ناعم!! منذ ذلك اليوم وصدري يئن من التهاب القصبات الهوائية وانا مواظب على حقن (الكلافوران) ومجموعة من الكبسول والبندول
... والمهم سلامة السادة المسؤولين الحرمايين!.
أعرفتم لماذا صاح الضفدع الذي راح يلبط في شط شارعنا: في فمي ماء وهل ينطق من في فيه مااااااااء!!