في زمن عراقي دموي استبيحت فيه الدماء والأعراض, وفي زمن عراقي هو الأصعب والأدق والأكثر حساسية في تاريخ العراق, يكون الحديث عن دور الإعلام في مجاراة ومتابعة وتحليل مايجري واتخاذ المواقف من أصعب القضايا, فالبلد يمر بمنعطف تاريخي حاسم, هو وجودي في طبيعته وبدايته ونهايته, لكون وجود العراق الذي عرفناه منذ العام 1921 بعد انبثاق وتأسيس المملكة العراقية الهاشمية هو اليوم أمام المحك الصعب بعد حماقات الأنظمة العسكرية والشمولية التي هشمت العراق منذ العام 1958 يوم سقطت الشرعية والنظام العقلاني الحضاري تحت أقدام العسكر, وحتى سقوط العراق الأخير قبل ستة شهور بسبب حماقات وغباء نوري المالكي وفريقه وطاقمه من العسكريين الفاشلين والمتكرشين والفاقدين للياقة القيادية.
بعد أن تمكنت عصابات سائبة من تدمير العراق, وبعد أن ترك المالكي العنان للميليشيات الطائفية السائبة الحقود ذات المرجعية الإيرانية, لتكون هي البديل لجيش الدولة الذي ذهب مع الريح الصفراء التي تعصف بالعراق, وسط المعمعة العراقية القائمة يبدو موقف نقيب الصحافة العراقية الأستاذ مؤيد اللامي متميزا ووطنيا أصيلا ويقف على قاعدة صلبة وهو يلوح بالخطاب الوطني الجامع المانع ويدعو للوحدة الوطنية العراقية بعيدا عن الطائفية ورياحها المدمرة القاتلة ويهيئ الرأي العام لمحاربة السراق واللصوص الذين أوردوا العراق موارد الهلاك وحولوه لأكبر دولة فاشلة في العالم المعاصر.
ولابد لي من الإقرار والاعتراف بمواقفي السابقة المناهضة, وحتى المعادية للسيد نقيب الصحافة العراقية, الذي تشرفت شخصيا بالتعرف عليه في دولة الكويت في مؤتمر قمة “مجلس التعاون” الخليجي العام 2009 وأعترف وأشهد أمام الله والتاريخ بأنه كان إنسانا طيبا ومتواضعا يمثل طيبة ونقاء أهل الجنوب العراقي المعروفين بأصالتهم وشهامتهم وترفعهم عن المكائد والأحقاد, كما أعترف بأنني قد أسأت للرجل في مواقف إعلامية وسياسية عدة, وقد كنت مخطئا للغاية ومتطرفا في أحكامي وذهبت بعيدا جدا في سوء ظنوني, وهي مواقف يشرفني ويسعدني كثيرا أن أعتذر عنها وأعتذر للأستاذ الأخ الكريم مؤيد اللامي وبشدة وعذري من دون شك عند الناس الكرام مقبول, وليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه.
لقد كان مؤيد اللامي رغم الحملات الإعلامية المضادة بسبب تداخلات المواقف السياسية والإعلامية كريما وكبيرا وصابرا فلم يقابل الإساءة إلا بالمودة والكلام الحسن والحرص الشديد على متابعة الأمور وإرسال الأمنيات في المناسبات المختلفة, وهو تصرف ذكرني بقيم العراقيين وشهامتهم في الأيام الخوالي, وقبل الانهيار المجتمعي والقيمي والزلزال المدمر الذي ضرب المجتمع العراقي للأسف فأحاله هشيما منثورا, وحيث برز الحقد الأسود كبديل عن التسامح, وبرزت الطائفية المتخلفة الظلامية السوداء كبديل عن الهوية الوطنية الجامعة المانعة.
لاشك أن مهمات كبيرة وخطيرة تنتظر الإعلام والصحافة في العراق على صعيد دعم وتعزيز الجبهة الداخلية وإصلاح الضرر الذي تسبب به الطائفيون واللصوص وأراذل الطغاة على المستويات الأخلاقية والاجتماعية وهو دور لايقل خطورة عن أدوار المواجهة العسكرية والتصدي لقوافل الإرهاب القادم من خلف الحدود أوالناشئ بين ظهرانينا.
أكرر للنقيب العزيز الأخ مؤيد اللامي اعتذاري الشديد عن كل الإساءات والمواقف السلبية التي أظهرتها نحوه ونحو شخصه الكريم, وأتضامن معه ومع صحافة العراق الحرة التي تناضل من أجل عراق حر موحد طاهر من أدران الطائفية والعنصرية والعشائرية وعصابات اللصوص السلطوية, وأملي الكبير أن يقوم نقيب الصحافة بشخصيته المتواضعة وروحه الوطنية بموقف ريادي في تعزيز الوحدة الوطنية ورفدها بعناصر السمو والانتصار.
تحياتي للصحافة العراقية الحرة ولنقيبها الأمين العزيز الأستاذ مؤيد اللامي, مع تمنياتي بعام جديد ينتصر العراق فيه على كل جبهات الشر والعدوان والدمار.
مقالات اخرى للكاتب