حين يتمكن تنظيم داعش من ضرب مناطق النجف ومدينة الصدر فأعلم ان حجم الإختراق الداعشي على أشده وبامكانه الوصول الى أية منطقة يريد الوصول اليها ؛ هذه التفجيرات عبارة عن رسالة مفادها ان التنظيم قادر على شن هجماته في المكان والزمان الذي يريد وان مخابراتنا تغط في نوم عميق وربما تكون فاقدة للحياة الإستخباراتية التي من أولى واجباتها كشف الجريمة قبل وقوعها ؛
أربع عشرة سنة على التغيير ومخابراتنا لم تستطع الكشف عن خلية ارهابية حقيقية سواء كانت مستيقظة أو نائمة وكل مانسمعه من انجازات للمخابرات هي عبارة عن دعاية اعلامية لاغير وان الشبكات التي تكشفها هي شبكات مرتبطة بقضايا جنائية بسيطة سريعة الإكتشاف ؛ أما الخلايا الإرهابية المهمة فهي تسرح وتمرح من دون ان تتوصل مخابراتنا الى ابسط خيوطها وعلينا ان نعترف بذلك ونبحث عن بديل يضع حدا لهذه المآسي الأمنية التي تضرب العراق وتخلف الاف الضحايا من العراقيين الأبرياء ؛خططنا الأمنية باتت مكشوفة امام العدو ففي كل تفجير تحصل حالة انذار قصوى وهي عبارة عن إنتشار كبير للقوى الأمنية في منطقة الحادث وخلق حالة من الزحام الشديد نتيجة اجراءات التفتيش الروتينية ( منين رايح ومنين جاي ) وبعد يوم تخف هذه الإجراءات حتى تتلاشى ويتناسى الأمر فيعود الإرهاب على راحته ليضرب في مكان آخر مرة أخرى
ملايين الدولارات صرفت بحجة شراء معدات لوقف نزيف الدم إبتداء بجهاز " الأريل " مرورا بعجلات الرابسكان والكلاب البوليسية وآخرها الكاميرات ؛ جميع تلك المعدات باءت بالفشل لانها لم تستطع الحد من هذه الهجمات ؛لدينا رؤوس كبيرة تحميل عناوين براقة لكنها لاتجيد ابسط المفاهيم الأمنية وهي مشغولة بالولائم والجلسات الخاصة والتنسيق مع السياسيين على كيفية البقاء في مناصبهم وهم لايمانعون من تسهيل الاجراءات الامنية لاي قوى ارهابية مدعومة من جهة سياسية مادامت هناك مصلحة ما مع تلك الجهة ؛
في كل حادثة علينا التفتيش عن المستفيد الأول منها ؛ ومن يمكنه التعاون مع الارهابيين لتنفيذ أهدافهم الاجرامية داخل هذه المناطق الفقيرة ؟ وعلينا الاعتراف بان داعش لايمكن الوصول الى هذه المناطق من دون وجود حاضنة له تزوده بالمعلومات وتوفر له الغطاء الكافي لتسهيل مهامه ؛
فكر داعش لايمكن ان يتطابق مع فكر إنسان بسيط في مدينة الصدر او في النجف انما يتطابق مع خلايا بعثية لازالت مؤمنة بالبعث وتأمل بالعودة لحكم العراق عن طريق هذه الأفعال ؛
طيلة سنوات التغيير لم تستطع الحكومة معالجة ملف البعثيين فاحيانا تعفيهم من المسؤولية وتجعلهم في ارقى المناصب الحكومية وتارة اخرى تجتثهم حتى جعلتهم كالمرض الإنتقالي داخل مجتمع مكتظ بالسكان ؛ أعرف جيدا ان البعض يرى ان البعثيين اصبحوا شماعة لتعليق الفشل لكن هذا لايعفيهم من المسؤولية فهم معروفون بالتواطؤ مع اية جهة لتحقيق اهدافهم الشريرة فهم تربوا على اساليب الجماجم والدم ؛
أزمتنا إمتزجت بين فشل حكومي ذريع مابعد التغيير وبين زمن لعين عشنا مآسايه وآلامه ولازلنا ندفع ضريبته لذلك كمواطن لاأملك سوى الدعاء لرب العباد ان يلتفت لهذا الشعب الذي ينزف دما في كل عام .
naser_alteshar@yahoo.com
مقالات اخرى للكاتب