العراق تايمز: كتب كاظم فنجان الحمامي..
معارضة وطنية لكنها متعددة الجنسيات وحرب ضروس تدور رحاها فوق رؤوس أهلنا في الشام ربما تكون الأرقام التي سنعلنها هنا كفيلة بكشف خفايا الحرب الضروس, التي تدور رحاها منذ ثلاثة أعوام فوق رؤوس أهلنا في دمشق وحلب وحمص وحماه واللاذقية, تارة تحت غطاء المعارضة الوطنية, وتارة بعنوان التحرير, وتارة بعنوان الدفاع عن النظام, وعناوين أخرى حملتها لنا الأجندات الخبيثة, لكننا عندما نقرأ الأرقام المثبتة في سجلات مركز (واشنطن دي سي , آي أي سي انترناشيونال) (1), ونتعرف على جنسيات المقاتلين وأعدادهم, وتعزيزاتهم القتالية, نصاب بصدمة عنيفة, ونكتشف أننا نقف على خرائب المعارك الساحقة الماحقة, ونتجول بين أطلال المواجهات الحربية الشرسة, ونقرأ سورة الفاتحة على آلاف الأرواح البريئة, التي أزهقت هنا ظلما وعدوناً, وفارقت الحياة في هذه المجازر الشرهة, وندرك بعد فوات الأوان أن ساعة القيامة باتت وشيكة الوقوع.
نحن هنا نتحدث عن كل المليشيات المسلحة (غير السورية), بكل توجهاتها المضادة للنظام السوري أو المؤازرة له, فلا تأخذكم العزة بالإثم وتتحاملوا علينا من دون مسوغ. ونحن هنا غير معنيين بالأسباب والمسببات والعوامل والظروف التي فجرت بوجوهنا هذه البراكين المدمرة, وفتحت علينا بوابات الجحيم, لكننا نريد التركيز على الأعداد الهائلة للمقاتلين, الذين ينتمون إلى (87) جنسية, بموجب التقرير الذي ترجمه الأستاذ (جميل م. شاهين من برلين), والذي جاء متطابقاً مع الإحصائية الخاصة, التي نقلتها منظمة المحاربين القدماء الإسرائيلية على موقعها المشار إليه في الهامش (2).
لقد بلغ عدد المقاتلين غير السوريين حتى منتصف عام 2013 حوالي (76618), اشتركوا جميعهم في المعارك الفعلية, لكننا إذا تصفحنا عناوين جوازاتهم نجد بينهم جنسيات لا تخطر على البال, خمسة قتلى من (فنلندا), وأربعة من (بوركينا فاسو), و26 أرجنتينياً, وليتوانياً واحداً, وأربعة قتلى من (توباغو وترينيداد), وسبعة من (سورينام), وستة من (سيراليون), بينما جاءت الأفواج المدججة بالسلاح من إيران والسعودية والعراق والكويت وقطر والإمارات ومصر وتونس والجزائر وموريتانيا واليمن وليبيا والمغرب والأردن والصومال ولبنان وفلسطين, ليس فيهم سودانياً واحداً, ولا عمانياً واحداً. لا ضد النظام, ولا مع النظام.
اللافت للنظر أن التقرير أشار في أكثر من فقرة إلى تنظيمات (مجاهدي خلق), الذين أكد على موتهم بالأسماء والعناوين والبطاقات الشخصية, وتم دفن بعضهم في سوريا, وهناك فئة منهم دفنوا في تركيا, لكنهم تعرضوا لسرقة الأعضاء عند النقاط الحدودية, وقد تم حرق أجساد بعضهم.
أما تنظيمات (داعش) فكانت تغير جبهاتها القتالية حسب المواسم, تارة تقاتل ضد النظام, وتارة معه, وتارة ضد نفسها. المتضرر الأكبر هنا هي دولة الشيشان, التي اشتركت بنحو (14) ألف متطوع, مات منهم (3671), وفقدت حوالي (1397), ووجدوا بين القتلى ست نساء, ثم تأتي المملكة العربية السعودية, التي اشتركت بحوالي (12) ألف مقاتل, مات منهم حتى الآن (3872), وفقدت حوالي (2689), ليس لهم أي أثر, بين القتلى سبع نساء, واشترك شباب العراق بنحو (11) ألف متطوع, قاتلوا مع النظام وضده, خسرنا منهم (2791), وفقدنا منهم (667), واشتركت لبنان بتسعة آلاف متطوع, مات منهم (2904), وفقدت (72), بين القتلى أربع نساء, واشتركت تركيا بحوالي (5600) متطوع, مات منهم (1946), وفقدوا منهم (14) فقط, واشتركت فلسطين بخمسة آلاف متطوع, مات منهم (2018), وفقدوا منهم (69) فقط, واشتركت تونس بأربعة آلاف متطوع, مات منهم (2645), وفقدوا منهم (1316) بين القتلى (13) امرأة.ربما يطول بنا السرد الرقمي النازف بالدماء البشرية المهدورة من غير هدف, أو من دون إحراز أي نجاح متحقق على الأرض, سوى هذا الخراب الذي دُفنَ فيه الشعب السوري تحت الرماد.
ختاما لابد من الإشارة إلى مشاركات الجموع البشرية الغفيرة القادمة من بريطانيا وأمريكا وأفغانستان والباكستان وفرنسا وأذربيجان وروسيا وألمانيا وكوسوفو واندونيسيا وماليزيا وأوزباكستان ومالطا وبلجيكا. أما أكثر الجنسيات, التي قامت المعارضة بحرقها لإخفاء معالمها, فهم الليبيون والتونسيون, وتقدر أعداد المفقودين من الأجانب بنحو (17) ألف, انقطعت بهم الاتصالات منذ أكثر من ستة أشهر, ويتواجد المقاتلون الأجانب الآن في ريف حلب, وريف إدلب, وريف دمشق.
حرب لم تتوقف مدافعها منذ عامين تقريباً, ومجازر لا تعد ولا تحصى, وفضائيات تبث برامجها من هنا وهناك لتضليل الرأي العام العالمي. بصرف النظر عن نتائجها المفزعة, فأن الخاسر الوحيد فيها هو الشعب السوري, الذي فقد كل شيء تقريباً, والذي سيظل يعاني من رواسب وتراكمات هذه المأساة المروعة لقرون وقرون, وربما حتى قيام الساعة.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين
(1) Washington D.C, IAC International. Issued on 7th July 2013
(2) http://disqus.com/Fryzia/