- وفقا لـ رويترز ، فان صادرات النفط من حقول النفط الجنوبية كانت دون معدلاتها في الأشهر السابقة ، وانخفضت الى 2.389 مليون برميل يومياً في شهر يناير / كانون ثاني2015 .
- ان معدل التصدير ( البيع اليومي ) الذي اعتمد لتقدير ايرادات الدولة من العائدات النفطية هو 3.3 مليون برميل يومياً .
- واذا تكرّر حدوث ذلك ( لأي سبب من الأسباب ) ، ولم تتمكن حقول نفط الجنوب من تصدير ( أو بيع ) 2.7 مليون برميل يوميا ً ، ولم تتمكن حقول نفط الشمال ( كركوك وكردستان ) من تصدير 600 الف برميل يومياَ ( كمعدل ) ، فاننا سنواجه المزيد من عجز الموازنة العامة للدولة ، المقدّر في الموازنة بـ 26 ترليون دينار .
- ولأن صادراتنا من حقول نفط الجنوب تتأثر بعوامل التسويق عبر البحر ( وهي عوامل لايمكن التنبؤ بها بسبب سوء الأحوال الجوية ، واحياناً بسبب سوء الأحوال السياسية في منطقة الخليج ) ، فان حجم الصادرات النفطية المطلوب للأيفاء بمتطلبات الموازنة ينبغي ان يكون محكوما باتفاق قوي ، وقابل للأستدامة ، مع حكومة اقليم كردستان ، بحيث تعوّض حقول نفط الشمال ، عن اي عجز في صادرات نفط الجنوب . واستنادا لأرقام كانون الثاني 2015 ، فان السيناريو المطلوب للأيفاء بتقديرات الموازنة للصادرات النفطية ، سيتحقق ، فقط ، اذا قامت حقول نفط الشمال بتصدير 1.089 برميل يومياً ، ( وهذا امر غير ممكن عملياً ) ، أو قيام حقول نفط الجنوب بتعويض النقص من خلال رفع معدلات التصدير في الأشهر اللاحقة ، وإلاّ واجهنا المزيد من عجز الموازنة .
- ان توقعات صندوق النقد الدولي لمعدل سعر النفط في عام 2015 هي 57 دولار للبرميل . قد ترتفع إلى 65-67 دولار للبرميل في عام 2016 . وقد تواصل ارتفاعها لتصل إلى 72 دولار للبرميل في عام 2019 .
- ولأننا نبيع نفطنا بسعر يقل عن سعر خام برنت بما يتراوح بين 5-7 دولار للبرميل ( حسب نوعية النفط المنتج ) ، بينما تم اعداد تقديراتنا لعائدات الموازنة على اساس معدل سعر تصدير قدره 56 دولار للبرميل ، فأننا قد نواجه المزيد من عجز الموازنة .
- اذا لم يشكل هذا الأنخفاض في اسعار النفط " فرصةً " لا تعوّض امام الحكومة لتغيير قواعد اللعبة في الأقتصاد ، فانها ستواجه المزيد من المشاكل المستعصيّة ، والمعقدة . وستكون الأزمة الأقتصادية أقلّها ضرراً ، وأدناها كلفة .
- ان تقديرات صندوق النقد الدولي لأسعار النفط العالمية قد تمت استنادا لدراسة سوق " المستقبليات " ، أو معدلات سعر العقود الآجلة في سوق النفط العالمية للسنوات القادمة . واستنادا لهذه التقديرات ( واتمنى ان لا تكون افضل من تقديراتنا بكثير ) ، فان الموازنات العامة للسنوات 2016- 2019 يجب ان تصمّم في اطار استراتيجية مالية يتراوح امدها بين 3-5 سنوات ، وان يتم الشروع باعداد هذه الأستراتيجية منذ الآن ، مدعومةً بالتزام سياسي قوي ، وواضح ، ومؤطَر قانونياً ، وملزم لجميع القوى الفاعلة في البلد . ويمكن من خلال هذه الأستراتيجية المالية ، تحقيق الأهداف المهمة التالية :
- ضمان حد معقول ، و مقبول ، من الأستقرار والنمو الأقتصادي ، وبأقل كلفة اجتماعية ممكنة .
- منح القطاع الخاص القدرة على التنبؤ ، والمزيد من التيقن ، حول امكانات السوق الوطنية ، وقدرتها على دعم انشطته المستقبلية ( على الأقل لبضعة سنوات قادمة ) . ان فرص وعوائد الأستثمار لهذا القطاع ستبقى معلّقة على قدرة الحكومة على الألتزام بتعهداتها بدعم القطاع الخاص ، ليس من خلال لغة الخطاب السياسي الدارجة ، ولا من خلال قوانين وخطط وسياسات غير قابلة للتنفيذ ، وانما من خلال تعزيز الثقة بقدرة الحكومة على الألتزام والأيفاء بتعهداتها ، من خلال الموازنات العامة المتعاقبة ، بحيث لاتخرج هذه الموازنات عن " دالة الهدف " الأساسية المقررة لها ، ولا تنطوي على مفاجآت تقوّض الثقة بالسياسات ، وترفع من درجة المخاطرة الناجمة عن التخبّط في ادارة الدولة للأقتصاد ، و لاتجعل من برامج الأنفاق العام رهينة دائمة لمتغيرات العسر والوفرة في العائدات النفطية .
- منح الأولوية في الأنفاق الحكومي لمشاريع البنى التحتية الرئيسة . فوجود بنى تحتية ملائمة وكافية وحديثة ، سيقلّل من كلفة الأستثمار الخاص ، وسيمنح المستثمرين ( بما في ذلك الأجانب منهم ) حوافز اساسية للعمل في العراق ، وبما يقلل من اعباء الحكومة في مجالات الأنتاج والأستخدام ، ويرفع من وتيرة الطلب والأنفاق الخاص ، ويعزّز فرص النمو والتنمية والأستقرار الأقتصادي .
- تساعد الموازنات العامة المعدّة في اطار استراتيجية مالية متوسطة الأجل ، والمدعومة بخطط ورؤى استراتيجية طويلة الأجل ،على ضبط الأنفاق العام ضمن حدود الطاقة الأستيعابية للأقتصاد ، وبما لا يشكّل " مزاحمة " ضارّة للقطاع الخاص في السوق الوطنية .
- لا قيمة ، ولا معنى ، ولا مردود لـ " الأصلاح الأقتصادي " والقانوني و " المؤسّسي " في بيئة غير صالحة ( وغير جاهزة ) لتطبيق هذه الأصلاحات على ارض الواقع . إنّ خلق هذه البيئة هو التحدي الرئيس الذي يتوجب على الدولة مواجهته دون ابطاء ، والتعامل مع غياب مقومات " الحكم الجيد " باعتبارها السبب الرئيس لكل اشكال الخراب والفوضى وهدر الموارد ، التي يعيش العراقيون فصولها البائسة الآن .
- ان هذا كلّه يتطلب تحقيق تقدم حاسم وسريع , في الملف العسكري والأمني ، لكي لا يستنزف قطاع الأمن والدفاع الأيرادات العامة لمدى زمني مفتوح ، وغير محدّد بسقوف مدروسة بعناية للتمويل ، واعادة الهيكلة . ان كل يوم اضافي في حربنا ضد الأرهاب يكبّدنا خسائر اقتصادية باهظة ، تتزايد بـ "متوالية هندسية " يوما بعد آخر . هذا اضافة لخسائرنا التي لا تعوّض ، ولا تقدّر بثمن ، في جوانب أخرى .
مقالات اخرى للكاتب