معذور من كده الجوع.. جوع الحصار الذي اسجده في احضان الغربة، بحثا عن لقمة عيش طوال ثلاثة عشر عاما، فرضت خلالها الامم المتحدة، عقوبات دولية بمحاصرة الطاغية المقبور صدام حسين؛ جزاءً لغزوه دولة الكويت الشقيقة، وقلب صدام السحر على الساحر؛ إذ كرس الحصار في معاقبة الشعب العراقي، لانتفاضته في 15 آذار 1991 إثر هزيمة الجيش العراقي، امام قوات الائتلاف الدولي، في عاصفة تحرير الكويت.
وآخرون وظفهم صدام بصفة معارضين له في الخارج، بحيث تطرح اسماؤهم في الخارج على انهم معارضون، وذووهم في الداخل يتسلمون قطع اراض باسمائهم ورواتبهم جارية من دوائرهم باعتبارهم (موفدون) وصلاتهم مستمرة مع السفارة العراقية.. وهم يدّعون معارضة نظام فظيع مثل نظام صدام.
لست ضد النوع الاول، الذي هاجر درءاً لغائلة الجوع؛ الا بالتقائه مع النوع.. المخابراتي.. الآخر، بادعائهما بطولة المعارضة تصديا للنظام، في حين كلاهما لم يتصدَ ولم يعارض...
لا احد يطالبهم ببطولة، ولا احد يعاتبهم، لكنهم هم الذين ادركوا قوة الدفق الاقتصادي العراقي؛ لأنهم يتأملونه من زاوية رؤيا خارجية تطل على حقيقة ثراء العراق، وسهولة اختراقه، بوسائل حقيقية ومفتعلة.. ربما المفتعلة اكثر جدوى، فالكذب في العراق فاعل اكثر من الصدق.
عادوا يتبؤون مناصب فرشت لهم بدم الشهداء.. الشهداء بانواعهم الثلاثة.. الذين اعدموا في دهاليز سجون صدام ومعتقلات امنه العامة للشعب كله، والذين سيقوا مظلومين لجبهات حروبه الهوجاء، والنوع الثالث هم ضحايا الحصار الذين زهقت ارواحهم ولم تصل حبة اسبرين استنفرت القبيلة واصدقاؤها بحثا عنها، بينما مذاخر الادوية التي اغلقها عدي دون الشعب تكتظ بالادوية حتى تتعفن.
ادرك المقيمون في الخارج ان العراق بقعة خير، فعادوا شرهين للاستحواذ على خيره، قبل ان ينتقل من يد صدام الى يد الشعب؛ وجدوا ايسر السبل الى ذلك هو القفز على المناصب السياسية، يؤسسون احزابا صورية ينتظم فيها ذووهم؛ ضمانا للمغانم؛ كي تخرج من رحم العائلة.. انهم حريصون على صلة الرحم!!! والشعب الى سقر.
والبعض ممن داهن الحكومة السابقة، حفاظا على وجوده في الداخل، التحق بتلك الاحزاب البراغماتية، وهو يتنعم بلخبطة الامن والاقتصاد والسياسة يغذيها بالفسادين.. الاداري والمالي، يحرص على ان يحول تظاهرات المطالبة بالخدمات الى دعوى طائفية تنتشل الحكومة من كسلها، وتلتمس لها العذر عن تأمين الخدمات، بعد ان ظلت تعلق كسلها واستنفاد ثروات البلد في الارصدة الشخصية للساسة، من دون خدمات بحجة الارهاب، وبعد ان كف الارهاب شره، في العام 2008، لم تقدم عذرا، انما اعتمدت وقاحة المواجهة بوجه مصفح، حال بينها والعلاقة الانسانية مع الشعب.
النواب، كانوا وما زالوا، يعيقون اي مشروع خدمين مثلما ينعطفون باعتصامات المحافظات الغربية من مطالبة الحكومة بالخدمات التي تنشر جنة على خريطة العراق، الى ابادة الشيعة؛ كي لا تتأثر مغانم كتل واحزاب سياسية، جاءت من الخارج بعد 2003 متنعمة برواتب خاصة من صدام حسين، وادعت انها معارضة، وها هي تعارض كل ما ينظم الحياة في العراق، يخبطونها ليشربوا صافيها.
مقالات اخرى للكاتب