نجح ابني، الذي في الصف الرابع الابتدائي، وجاء يطالبني بالإيفاء بالوعد الذي قطعته له قبل شهر وهو هدية النجاح.
كنت قد وعدته بهدية وصفتها له بـ "الرهيبة"، وذهب ذهني الى ان اجلب له دراجة هوائية حديثة. ابقيت الامر سرا ولم ابح له بتخطيطاتي ولكنه ألح عليَّ ان أعلمه بنوع الهدية، التي انوي تقديمها له. حاولت المراوغة وقلت له انني اريد ان أعملها مفاجأة له إلاّ انه توسل بي، وذكرني بكل العواطف التي بيننا فاضطررت الى إخباره بأنني أنوي شراء دراجة هوائية له.
تراجع ابني وقد ظهرت الخيبة على وجهه. لم اتوقع منه هذا. سألته:
ـ ماذا؟ يبدو ان الخبر لم يسعدك. انها دراجة حديثة وغالية الثمن ولا أحد في الحي يملك مثلها.
قال ابني بخيبة:
ـ انت قديم جدا يا بابا! ماذا افعل بالدراجة الهوائية؟! انا لا اريدها!
اصبت بالذهول وحاولت ان افهم منه سبب رفضه للهدية، إلا ان الحزن جعله يسرح وغام البياض في عينيه. قلت له:
ـ انا توقعت ان الدراجة الهوائية ستفرحك... قل لي ماذا تريد وسأشتريه لك؟
استعاد ابني رباطة جأشه وقال:
ـ انا اريد لابتوب ابو التفاحة.
صحت في وجهه:
ـ ماذا؟.. لابتوب.. لابتوب؟
قال بثقة:
ـ نعم لابتوب، وماذا كنت تتوقع ان اريد؟!
شلتني الصدمة لبرهة ثم قلت له:
ـ انت صغير السن ولا اعتقد انك تجيد استعمال لابتوب، ثم انه غالي الثمن.
ظهرت الخيبة على وجهه مجددا وقال بثقة:
ـ لست صغير السن، وأنا اعرف استخدام الكومبيوتر، وكنت اعتقد انك ستهديني كومبيوتر. الدراجات الهوائية لم تعد مثيرة!
حرت ماذا أرد عليه. ولكنني طلبت منه ان يمهلني ريثما اجد حلا مرضيا له ولي.
اخبرت أمه بما جرى فقالت لي:
ـ اعتقد انك سعيد في داخلك بهذا التطور التقني الذي تعيشه اسرتك وطبعا انت السبب فيه. ولكن ارى ان الولد على حق ويجب ان تتعامل مع طلبه بحكمة كبيرة وان تخضعه للمراقبة. هو طلب هذا منك لأنه يرى انك تهتم بكل ما هو جديد وهو توقع ان تجلب له شيئا مميزا.
قلت لها:
ـ انا معك في هذا. واعتقد ان موهبة الولد تستحق منا ان نهتم بها. فالكومبيوتر أولا وأخيرا هو لغة عصرية، ولا بد لأطفالنا ان يتعلموا كيفية التعامل معه، ولكن الجهاز غالي الثمن.
قالت ضاحكة:
ـ هذه مشكلتك!
مقالات اخرى للكاتب