يراهن ملك إسبانيا فيليبي السادس على التقشف لإقناع مواطني بلده بنهج المؤسسة الملكية الشفافية، وأنها لا تعيش حياة البذخ والترف بل تريد أن تحس بمشاكل أغلبية الشعب، حيث أقدم الملك في هذا الإطار على نشر التقرير السنوي لحسابات ميزانية القصر، وهي أصغر ميزانية لمؤسسة ملكية في العالم لا تتجاوز ثمانية ملايين.
وكان ملك إسبانيا قد طلب من الأحزاب التقشف في الحملة الانتخابية للانتخابات التي ستشهدها البلاد يوم 26 من الشهر الجاري، كما طالب باقي المؤسسات بتوفير فائض يستعمل في خلق مناصب شغل والخدمات الاجتماعية بحكم الوضع الصعب الذي تمر فيه البلاد نتيحة الوضع الاقتصادي الصعب. وتشهد إسبانيا أسوأ أزمة اقتصادية خلال العقود الأخيرة.
ولكي يعطي مثالاً عن التقشف، فهو يعيش حياة عادية بعيداً عن جميع مظاهر الترف والبذخ التي تميز الملوك، حيث يقضي عطلة في البلاد ولا يقوم بأي سفر خاص خارج البلاد، وفي الزيارات الرسمية بالكاد يصطحب معه وفداً محدوداً.
وآخر ما أقدم عليه الملك فيليبي السادس هذا الأسبوع هو نشر التقرير المالي للمؤسسة الملكية برسم سنة 2015، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ الملكية. ويؤكد التقرير الذي أشرفت على التدقيق في حساباته مؤسسة مالية غير حكومية وصادقت عليه مصلحة الضرائب أن الميزانية المالية التي قدرها 7 ملايين و775 يورو قد صرفت بشكل سليم، بل وتركت المؤسسة الملكية فائضا يقدر بـ 177 ألف يورو. وتتضمن ميزانية القصر مرتب فيلبي السادس كملك وزوجته الملكة لتيسيا ثم والديه وباقي الأمراء ومصاريف بعض الموظفين والحاجيات اليومية.
وقبل نشر التقرير المالي لتدعيم الشفافية، كان الملك قد قرر السنة الماضية التخفيض من مرتبه بحوالى 20٪ بسبب الأزمة المالية. ويعتبر أجره الأقل بين ملوك العالم، كما أن ميزانية المؤسسة الملكية هي الأصغر مقارنة بجميع باقي ميزانيات القصور الملكية. وميزانية ملكية إسبانيا هي بعشرات المرات أقل من ميزانية ملكية المغرب وبمئات المرات من ميزانية الملكيات في الخليج العربي. علماً أن ميزانية الإنتاج القومي الخام لكل الملكيات العربية لا تتجاوز الإنتاج القومي الخام الإسباني.
وصل فيليبي السادس إلى العرش الإسباني منذ سنتين، خلال حزيران / يونيو 2014، وجاء في فترة كانت فيها صورة الملكية قد تدهورت بشكل كبير للغاية جراء انغماس الملك خوان كارلوس في اللهو في وقت تعاني فيه البلاد من أكبر أزمة اقتصادية خلال العقود الأخيرة، واضطر خوان كارلوس إلى التنازل عن العرش جراء تصرفاته.
في الوقت ذاته تعتبر إسبانيا من الدول الملكية التي تشهد حركة قوية للمطالبة بالجمهورية وإلغاء الملكية، حيث لا تعترف أغلب الأحزاب السياسية بالملكية رغم أنها تعمل في إطار الدستور.