بغداد – أفشلت الخلافات السياسية بين الكتل والأحزاب الحاكمة في البلاد، من إقرار التعديلات المقترحة على قانون المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وتشكيل مفوضية جديدة، والركون إلى تمديد عمل المفوضية لأسبوعين آخرين بأنتظار التوافق السياسي حول القانون وتعديلاته المقترحة.
وصوت مجلس النواب العراقي بالاغلبية في السادس من الشهر الماضي على تمديد ثالت لمفوضية الانتخابات الحالية لـ35 يوميا بعد اخفاق الكتل السياسية بالتوافق على تشكيل مفوضية جديدة للانتخابات. وقرر مجلس النواب في 28 من الشهر الماضي التصويت على تمديد ثان لعمل مفوضية الانتخابات الحالية لعشرة ايام بعد انتهاء مدة تمديدها الاول والتي استمرت لشهرين.
وقال النائب سعيد خوشناو إن "مجلس النواب صوت بالأغلبية على تمديد عمل مفوضية الانتخابات الحالية لـ15 يوما اضافية، بسبب عدم التوافق على تشكيل المفوضية الجديدة". واوضح أن "مجلس النواب قرر تأجيل التصويت على تعديل قانون الانتخابات والقاضي بزيادة عدد المقاعد الى 15 مقعدا بدلا من تسعة مقاعد لحين حصول توافق سياسي".
وانتهت فترة التمديد التي منحها مجلس النواب لمفوضية الانتخابات الحالية السبت الماضي، بعد انتهاء عملها وفق القانون في 28 من نيسان الماضي. وتسعى كتلة ائتلاف دولة القانون لزيادة عدد مقاعد مفوضية الانتخابات من تسعة مقاعد إلى 15 مقعدا لتمثيل جميع المكونات، وهذا السعي يواجه بالرفض من القائمة العراقية.
وكانت لجنة الخبراء النيابية المكلفة بتشكيل مفوضية الانتخابات قررت نهاية حزيران الماضي اعتماد آلية اختيار المفوضية بمرحلتين الأولى تقليص العدد من 60 إلى 30 والثانية اختيار تسعة مرشحين أو 15 مرشحا من أصل 30 شخصا.
وتواجه الاحزاب السياسية مأزقًا منذ اشهر في اختيار اعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الامر الذي يثير الشكوك في أن يتمكن الاشخاص المنتخبون لهذا المنصب من ممارسة عملهم باستقلال. وقال النائب الكردي المستقل محمود عثمان: "بالتأكيد هؤلاء (الاعضاء) لن يكونوا مستقلين". واضاف بأسف "أنها طريقة سيئة لبناء المؤسسات، ولكن هذا ما يحدث".
وقال النائب عن القائمة العراقية حامد المطلك "نرغب بمفوضية انتخابات مستقلة بصورة كاملة". واضاف "لكن لسوء الحظ أن ما يجري الان ليس مثاليا، والمفوضية تتشكل على أسس حزبية وطائفية".
وبحسب دبلوماسيين ونواب، فإن انعدام الثقة ناجم عن الازمة السياسية المستمرة منذ اشهر بين كتلة نوري المالكي وخصومه، وجميعهم اعضاء في حكومة شراكة وطنية، فخصوم المالكي يتهمونه بالاستبداد وقد حاولوا خلال الاشهر الماضية سحب الثقة من حكومته ولكن من دون جدوى، في المقابل، يؤكد المالكي أنه غير قادر على تنفيذ سياساته بسبب كبر حجم التحالف الحكومي.
ويقول دبلوماسي غربي رفض كشف اسمه في هذا الصدد إن "اعضاء المفوضية لم يتم اختيارهم حتى الآن، لذا لا نعرف كيف ستعمل، لكن الجدل الآن يوحي أنها ستعمل على أسس طائفية".
وتمكن النواب والمسؤولون بعد اشهر من المقابلات اجريت مع 7200 شخص من حصر عدد المتقدمين الى 60 مرشحا للتنافس على تسعة مناصب يتألف منها مجلس المفوضية. ومنذ ذلك الحين لم يتم التوصل الى اتفاق بشأن من ينبغي أن يشغل هذه المناصب مع تمحور الجدل حول كيفية ضمان أن يعكس المرشحون الوضع الطائفي والسياسي في العراق.
وقال المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة في بغداد مارتن كوبلر "نريد أن نحافظ على موعد الانتخابات المقرر في اذار 2013". واضاف "للحصول على انتخابات جيدة، نحتاج الى مفوضية قوية، والمفوضية القوية تحتاج الى وقت لتنظيم الانتخابات".
واعربت الامم المتحدة عن قلقها من أن ينتقل هذا الخلاف الى الشارع، واصدرت بيانا حذر فيه كوبلر من أن المزيد من التأخير "قد يعرض العملية الانتخابية الى خطر جدي".
وازداد الامر تعقيدا عندما اقترحت اطراف سياسية زيادة عدد اعضاء مجلس المفوضين من تسعة الى 15، لكي ترسخ على ما يبدو سطوة الاحزاب على المرشحين. حيث يتكون مجلس المفوضين الحالي من تسعة اعضاء، هم اربعة من الشيعة واثنان من السنة واثنان من الاكراد وتاسع مسيحي.
وقد يحدث تقسيم في المجلس الجديد على اساس حزبي يتجاوز التقسيم الطائفي، ففي الجانب الشيعي على سبيل المثال، فإن دولة القانون برئاسة المالكي ستختار مرشحاً واحداً على الاقل، وكتلة التيار الصدري ستختار مرشحاً آخر، فيما تختار باقي الكتل الشيعية مرشحين آخرين. وسيحدث التقسيم نفسه في حال توسيع مجلس المفوضين الى 15 نائبا، وذلك بضم بعض الاحزاب الصغيرة.