لا تثريب عليكم يا أهل العرق فبعد الشدة فرجا و بعد العسر يسرا، و بعد الضعف قوة و بعد التفرقة وحدة و بعد اليأس أملا ، لابد أن يأتي النهار بعد ظلمة الليل الحالكة ، و يأتي النصر بعد مرارة الهزيمة الصعبة، كما سيأتي العدل بعد قساوة الظلم المجحفة ، لابد أن يتنفس العراق والعراقيون الصعداء بعد سواد الليل القاتم و السنين العجاف التي دمرت الأخضر واليابس و استنزفت أرواح البشر و كل الطاقات و الخيرات و حتى النظرة المستقبلية للشباب أصبحت مبهمة وغير واضحة ،تكالبت على العراق قوى عدوانية استعمارية تريد أن تدمر و تقتل روح الإنسان العراقي من الداخل لكي لا تقوم له قائمة و تقضي عليه نهائيا على روحه الجميلة وتطلعاته المتجددة ، لكن أرض العراق ولادة و سرعان ما تسترجع قواها و عافيتها و تداوي جراحها بنفسها ، أرض العراق ولادة لأنها لا ترضخ للضعف والهوان فتداوي أبنائها بتربتها الطيبة و مياهها العذبة و هوائها العليل ، أرض العراق أرض معطاء و متسامحة ، تسامح المقصر و تعطي بسخاء للمثابر المجد ،أرض العراق أرض مباركة دفن فيه الأنبياء و الأولياء و خيرة البشر ، فهي أرض الحضارة و المقدسات بامتياز .
منذ القدم و أرض العراق تقاوم و تحارب الأعداء لأنها أرض فيها كل الخيرات من مياه ومعادن وفلاحة و تربة طيبة فضلا عن سواعد أبنائها القوية و عقولهم النيرة و اليقظة، أرض فيها كل مقومات الحياة لهذا فهي محط أنظار العالم ، تعرضت للغزو مئات المرات أبشعها الغزو المغولي الذي دمر كل شيء من عمران و حياة مدنية وشبكات الري و السدود و صناعة و فلاحة و كتب ...... ، حيث كان هولاكو قائد الجيش المغولي شرسا عدوانيا طمس معالم الرقي و الازدهار العباسي و جعل بغداد مدينة تئن تحت وطأة الفقر والدمار و الأوبئة، ......
لكن أرض العراق كما قلنا ولادة ولا تستسلم بسهولة ، نهضت و قاومت و لملمت جراحها و أصبحت تضاهي عواصم العالم من جديد بعزيمة أبنائها ، فأنجبت أطباء و مهندسين وشعراء و باحثين و قادة متميزين في كل ميادين الحياة حيث لم يقتصر دورهم في العراق فحسب بل كان لهم دور ريادي في بلدان العالم الأخرى.
ما أشبه الأمس باليوم بالأمس المغول( هولاكو) و اليوم "داعش" ، اليوم كذلك العراق يتعرض لهجمة شرسة أخرى لا تقل شراسة عن هجمة هولاكو سنة 656 هجرية /1258 ميلادية، تتعرض أرض العراق لهجمات " داعش " الوحشية و الانتقامية ، فعانى العراق ما عاناه من قتل و تهجير و شتات لأبنائه و دمار في بنيته التحتية و ضعف في مجالات الحياة المعيشية و استنزاف لخيراته الباطنية و احتلال جديد من نوع آخر لأراضيه و سمائه و مياهه .........
لكن رغم كل الظروف القاسية ، ستمر الأزمة وسيعود العراق من جديد كما عهدناه قويا شامخا عزيزا، سيعود وكأن شيئا لم يكن بهمة أبنائه و حماسهم لرفع اسم العراق عاليا و غيرتهم على وطنهم الذي ينتظر الكثير من أبنائه سواء داخل العراق أو خارجه ، الوطن الذي ربى وعلم و جمع كل العراقيين بحب وسعادة وبدون مقابل ، الوطن عزيز بأبنائه ، الوطن اسم جميل و إحساس أجمل لكون المواطن يعيش في وطنه سعيدا مع أهله و إخوانه و أبناء بلده ، الوطن دائما يفتح ذراعيه لأبنائه في أي وقت و في أي ظرف ، فهو الحضن الدافئ و الحنون لكل مواطن.
العراق آت و لو تأخر قليلا فهو آت لا محالة إلى محيطه العربي والإقليمي و الدولي ، وسيعود بقوة لأن الضربة التي لا تقتل تقوي و العراق والعراقيين تعلموا الدرس جيدا و استفادوا من الأخطاء ، لذا لا خوف على العراق لأن أرض العراق ولادة و دائمة العطاء .
مقالات اخرى للكاتب