اكد رئيس الوزراء في حديث له اثناء زيارته البصرة، ما سبق ان اشاراليه منذ زمن العديد من الاحزاب الوطنية والديمقراطية، وجمع غفير من المثقفين والاكاديميين والاعلاميين والمتخصصين، بل حتى بسطاء الناس، من ان الفساد لا يقل خطورة عن الارهاب، مشددا على مواصلة الحملة ضده، ومحذرا من انها ستصل الى كل من تحوم حوله، شبهات فساد
هذا الادراك جيد وان جاء متاخرا، بالنظر لما يسببه الفساد من كوارث ومآس للشعب والوطن، وان ما وصلت اليه اوضاع بلدنا ليس بمعزل عن هذه الآفة الخطيرة التي ابتلينا بها، ورعاها ونماها المتنفذون في تنسيق للمصالح مع المفسدين والمرتشين.
وطالما يتواصل الاعلان عن ان لا حياة مع الفساد وان اصحابه سيلاحقون حتى عقر دارهم، فقد يكون مفيدا تكرار ما سبق الحديث عنه، من ان الفساد اخطبوط غدا مؤسسة متكاملة تغلغلت في مفاصل الدولة ومؤسساتها، وانه وجد امتداداته الى المجتمع، وحظي لفترة طويلة بالرعاية والدعم، وفي احسن الاحوال غض النظر، من جانب من بيدهم القرار، على انه جرى في الفترات الماضية التركيز على ما هو "خردة" في الفساد، وتركت القطط السمان والحيتان تصول وتجول في حرية تامة، بل تسخر مؤسسات الدولة واجهزتها لمساعدتهم في عملية النهب والسلب للمال العام.
ولا بد من التذكير ايضا، بان الفساد اشكال وانواع، وهو ليس الرشى فقط على اهمية محاربتها والحد منها، فالفساد متعدد في اشكاله تعدد القائمين عليه والمرتبطين به، وعلى كل المستويات، ومن صور تجليه:
- التعيين على غير اسس الكفاءة والنزاهة والاخلاص
- استخدام النفوذ لتعيين الأقرباء والاهل والمطبلين ووعاظ السلاطين
- التعيين بدون الحاجة الفعلية اليه، واستحداث درجات وظيفية لا ضرورة لها
- التعيين مقابل مبلغ من المال.
- ظاهرة "الفضائيين".
- اقامة مشاريع وهمية، او لاحاجة لها، او ناقصة.
- لي الاذرع، باشكال متعددة، للحصول على المقاولات.
- تواطؤ المتنفذين في احالة مشاريع الدولة.
- الغش في العقود والمشاريع.
- اعداد الحمايات غير المبررة.
- الرواتب العالية للرئاسات الثلاث والنواب والوزراء ولذوي الدرجات الخاصة.
- اعداد المستشارين غير المبررة.
- المخصصات غير المبررة.
- الايفادات السياحية.
- صرف المكافآت بهدف شراء الذمم والولاءات وتكوين البطانات.
- الانفاق الباذخ على السيارات والاثاث والولائم.
- توزيع الاراضي بدون مسوغات قانونية واستحقاق فعلي.
- توزيع عقارات الدولة وتخصيص الدور التابعة لها على المريدين.
- توزيع العطايا والمكرمات لتكميم الافواه وشراء الاصوات.
ويمكن للمرء ان يضيف انواعا اخرى، لكن يبقى الفساد الاخطر هو المتمثل في الفساد السياسي، الذي ترعاه المحاصصة وتحميه وتوفر الاغطية له وكما تفعل الكيانات السياسية المتنفذة.
ان فسادا بهذا الحجم لا يكافح بمجرد الاعلان عنه وابداء التصميم على الحاق الهزيمة به، ولا شك في أن هذا امر حسن، ولكنه لا يكفي، فالحاجة ماسة الى تمكين الاجهزة والمؤسسات المعنية بمحاربة الفساد من اداء دورها، والى اعادة بنائها على اسس سليمة واختيار العناصر المؤهلة لتولي المسؤولية فيها.
والاهم ان محاربة الفساد تحتاج الى اجراءات ملموسة وان تبدأ من القمة، وتتضمن الاطاحة برؤوسه وشخوصه الذين تتسرب اسماؤهم الى الاعلام، وبالرغم من ذلك يبقون في مواقعهم يسرحون ويمرحون.
مقالات اخرى للكاتب