تصاب بالسكري فتهرع الى الطبيب باحثاً عن جرعة من الانسولين، وتصاب بالانفلونزا فتبحث عما يطفئ لك الحمى التي قال عنها المتنبي العظيم:
بذلت لها المطارف والحشايا
فعافتها وباتت في عظامي
وتشعر بالدوار فيقولون انه ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم فتذهب الى اقرب طبيب أو مستشفى لكي تقيس ضغطك، مرتفعاً أو هابطاً فلا يتوقف الامر الاّ حين تأخذ حبة من دواء! ولكن ماذا عساك ان تفعل لو أصابك مرض الشيخوخة!
ها انت تنسى التواريخ والاسماء والارقام فلا تعود تتذكر يوم مولدك أو مواليد ابنائك ولا رقم دارك أو حتى عدد أصابعك، فماذا تفعل، حيث لا تنفع حبة دواء ولا ديوان المتنبي بكامله!، هذا اذا تذكرت منه شيئاً.يقولون عنه انه مرض الزهايمر، ويا له من مرض بغيض سبق لك ان تعرفت عليه حين كان جدّك لا يتذكر اسمه ولا من هم أولاده!، أو حتى شاهدت عدداً من الافلام السينمائية أو بضع حكايات عن فقدان الذاكرة وما يترتب عليها من أن تصبح محط سخرية الصغار!ها أنت الآن تعاني من شيء ما من الزهايمر، انه لم يستفحل بعد، ولكنك في طريقه اليه شئت أم أبيت، ولن يكون امامك الا الرضوخ لأمر الطبيعة البشرية وقوانين الفيزياء والكيمياء وضمور خلايا الدماغ التي تكون مسؤولة عادة عن التذّكر والانتباه الى خزينها الكبير خلال عقود من السنوات.تصّور نفسك يسألك شخص ما عن اسمك فتصفن قليلاً لكي تحاول أن تتذكره، أو أن تحاول أن تتذكر رقم هاتفك، دون جدوى، أو أن تعرف في أي يوم أنت من أيام الاسبوع ـو في أي شهر وفي اية سنة، فلا يسعفك الحظ، فتلعن الشيخوخة وما تجرّ اليه من ويلات، وتتحسر على أيام الصبا والفتوة حين كنت في كامل وعيك وسلطانك.فيا لها من أيام سلفت، ويا لها من أيام تأتي!
مقالات اخرى للكاتب