ونحن نتبادل التهاني والتبريكات بسخاء، بمناسبة حلول العام الميلادي الجديد ٢٠١٧.
ليس من المروءة ان ننسى دواعش السياسة العراقية في المنطقة الخضراء، اصحاب ربطات العنق الانيقة والملابس الفاخرة وعمائم الدجل المزيفة.
من دون ان نلعنهم بقدر بطاقات التهنئة التي نتبادلها تلك.
وذلك وفاءا منا لضحايا فسادهم من العراقيين البسطاء الذين، يضرجون بدمائهم الزكية يوميا، وما اكثرهم.
ذلك الفساد الذي بلغ ذروته عند انهاك ميزانية الدولة بدفع تكاليف هذا العدد الهائل من رجال الحماية المخصص لهم.
لينعكس ذلك سلبا على الجانب الامني في البلاد، فينزل الى ادنى مستوياته، وتكثر فيه الثغرات الامنية القاتلة.
والنتيجة، بقاء الشعب العراقي المسكين في العراء في رحمة ارهاب داعش الحقيرة حقارة رواد المنطقة الخضراء، وباقي العصابات الاجرامية المسلحة التي تنشط داخل المدن.
حيث الخطف والابتزاز وترويع الناس، تفجيرات وتقطيع للاوصال تطال الفقراء والمساكين، ولا تستثني منهم حتى الاطفال.
هذا، في الوقت الذي يختبئ فيه هؤلاء الجبناء وافراد عوائلهم الساقطة، خلف رجال الحماية تلك، داخل القصور المنيعة والسيارات المصفحة.
معاناة الشعب العراقي هذه، التي تعد بحق جريمة العصر، والتي تتكرر كل يوم وكل ساعة، سوف لم ولم تنتهي الا باعلان نهاية حتمية لعصابة الخضراء الجبانة.
تقارير صحفية عديدة سلطت الضوء على تكاليف حمايات اعضاء الحكومة العراقية من بعد سقوط الصنم جرذ العوجة في ٢٠٠٣ والى يومنا هذا.
منها التقرير الذي استند الى تصريحات عضو مجلس الحكم والنائب السابق وائل عبد اللطيف، الذي تناول الموضوع بشئ من التفصيل، وذلك منذ العام ٢٠٠٨ فصاعدا.
ارقام انفجارية خيالية، لا يقبلها على نفسه كل من يحمل في داخله ذرة من الضمير والحس الوطني.
وذلك، قياسا بتلك النسبة العالية من الشعب العراقي التي تعيش تحت خط الفقر.
وقد تم اختصار التقرير هنا قدر الامكان تجنبا للاطالة، ليتم التركيز على رؤوس الفساد، وهي الرئاسات الثلاث وبعض تشكيلاتها.
لكن وقبل ذلك، لا من الاشارة الى ان نظام الحماية هذا في التقرير، اعتمد على مصطلحي الفوج الكبير، والفوج الصغير.
الفوج الكبير، يبلغ عدد افراده ( 750 شخص )، بتكلفته نحو = 3،167،213،500 ترليون دينار.
الفوج الصغير، يبلغ عدد افراده ( 377 شخص )، بتكلفة نحو = 1،329،295،382 ترليون دينار.
رئاسة الجمهورية :
حماية رئيس الجمهورية تبلغ ثمانية افواج كبيرة، اي نحو = 5937 شخصا.
كما خصص لكل واحد من نائبيه، فوج حماية كبير واحد.
مجلس الوزراء :
حماية رئيس مجلس الوزراء، هو فوج كبير واحد.
وفوج حماية صغير لكل واحد من نائبيه.
مجلس النواب :
حماية رئيس البرلمان، كان في عام ٢٠٠٨ فوج واحد كبير.
ثم اصبح في عام 2010 فوج واحد صغير.
ولكل واحد من نائبيه، تم تخصيص = 71 شخصا حماية.
كما خصص لكل نائب في البرلمان = 30 شخص حماية.
ليكون عدد حمايات النواب البالغ عددهم ( 328 نائبا ) هو = 9840 شخصا.
كذلك تم تخصيص = 679 شخصا لحماية مقر مجلس النواب في المنطقة الخضراء، بالاضافة الى حمايات منازل المسؤولين الذين يسكنون هناك و ....
اي ان اجمالي عدد حمايات الرئاسات الثلاث بتشكيلاتها، بما فيها حمايات الوزراء والهيئات الخاصة ومجالس المحافظات والمحافظين و … الذين لم نذكرهم هنا، يبلغ نحو = 42000 شخصا.
وهو ما يمثل جيشا كاملا بحسب البعض، ويحتاج الى نحو = 1700 سيارة تقريبا.
وهكذا، خلص التقرير الى ان التكلفة الاجمالية السنوية لهذه الحمايات تبلغ نحو = 6 مليارات دولار.
اي بواقع = 500 مليون دولار شهريا.
وهنا يتساءل مقدم التقرير قائلا :
من خول هؤلاء المسؤولين باقتطاع لقمة عيش العراقيين وصرفها على حمايتهم ؟!!....
هل هو دستور ام قانون، ام هي رغبات للسياسيين وعدم ثقة متبادلة فيما بينهم ؟!!.....
ومن هو الشخص الذي من المفترض، ان يجيب عن هذه المشاكل ويشرع بتخفيض اعداد الحمايات ؟!!....
وانا اختتم المقال هنا، بالقول :
انه الظلم والكفر بعينه، ان نعتبر هؤلاء الساقطين عديمي الشرف والغيرة من البشر، كي نمنحهم صوتنا، ونقوم بانتخابهم مرة اخرى.
ابتداءا من اكبر قواد من قوادي العملية السياسية الحقيرة، وهو رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، رئيس البرلمان ونوابهم ومساعديهم و ...
والى اصغر قواد حقير فيهم من البرلمانيين والوزراء والمحافظين واعضاء مجالس المحافظات، وكل مسؤول حكومي ساقط ارتضى لنفسه ولو بعشرة اشخاص لحمايته.
وذلك في بلد منكوب كالعراق، لم ينزع ثوب الحزن منذ ثلاثة عشر عاما والى يومنا هذا، حيث الارهاب والتفجير والقتل والتشريد والنزوح والدموع والدماء والآهات و ….. لا غير.
يقول الشاعر العراقي احمد مطر في مقطع من قصيدة ( يسقط الوطن ) :
نحن الوطن !
من بعدنا تبقى الدواب والدمن
نحن الوطن !
ان لم يكن بنا كريما امنا
ولم يكن محترما
ولم يكن حرا
فلا عشنا … ولا عاش الوطن
:::::::::::::
ملاحظة :
وسط هذا الكم الهائل من الارقام و ... يحتمل قويا حدوث خطا ما هنا او هناك، فاستميح القارئ الكريم العذر سلفا.
مع التاكيد على فرض وجود الخطا، انه حتما لم يكن عن عمد.
================
مقالات اخرى للكاتب