ثمة قناعات مطلقة تشير إلى أن الفساد الإداري والمالي تفشى بجميع المؤسسات الحكومية في إقليم كردستان من دون استثناء، وفي جميع الوزارات والدوائر والمؤسسات، وعلى رأس بؤر الفساد هذه، ما يحدث في وزارة الثروات الطبيعية والصحة والبلديات وغيرها وكانت قد أقرت رئاسة إقليم كردستان العراق بوجود حالات الفساد الإداري والمالي في المؤسسات الحكومية، كما أنها أكدت على كونها اتسمت بمساحات واسعة الانتشار، وهذا الوضع قد ابتلع الوجه المشرق للإقليم بعد النجاحات الكبيرة والهائلة التي حققها في مجال الاستثمار والإعمار والبناء في مجال الاسكان وما تحقق في مجال التعليم فقد قطع الإقليم شوطاً مهماً وملحوظاً بهذا الشأن فضلاً عن الاستقرار الأمني الذي يعد من أهم ما تحقق في الإقليم بفضل مجلس الأمن ووكالة البارستن اللذين لهما الفضل في ذلك. لكن ثمة قوى وعناصر وتجار ومصالح شخصية استطاعت أن تقوم بتخريب ممنهج للدوائر والمؤسسات الحكومية فتفشت الرشوة وارتفاع أسعار المحروقات في الإقليم حتى تخطت أسعارها ما يباع في المحافظات العراقية كافة، وذلك بسبب احتكار بعض الجهات استيرادها كذلك انسحب الأمر في مجال الأدوية وارتفاع أسعارها فضلاً عن ضعف الرقابة الذي سمح بانتشار أدوية فاقدة الصلاحية اكسباير عموماً ثمة ظاهرة فساد بجميع الفعاليات في القطاع الصحي والذي يؤثر بشكل حاد ومباشر على ذوي الدخل المحدود ناهيك عن تردي أوضاع الكهرباء وفشل المؤسسات في تطوير القطاع الزراعي والصناعي اللذين لا يخدمان الجهات التي تستفاد من المناقصات وعمولاتها وتهريب العملة إلى الخارج لذلك هذه الأطراف أعاقت نمو وتطوير قطاعي الزراعة والصناعة واستعاضوا عنها ببناء المولات واستيراد البضائع الاستهلاكية التي امتصت غالبية المتاح من الإيرادات الصعبة. إن استفحال هذه الظاهرة واستمرارها ولا سيما بعد هبوط أسعار النفط العالمية وتفاقم الأزمة المالية في الإقليم والتي تمس الحياة المعاشية للمواطنين بقوة، هذه الأمور تشكل تهديداً خطيرا بفشل التجربة الكردستانية الفريدة والتي حظيت بالإعجاب والتقدير من قبل دول العالم. عموماً الوضع الآن بالغ الخطورة يحتاج إلى وقفة جادة من قبل رئاسة الإقليم لمعالجة الوضع الكارثي الذي تعيشه الدوائر والمؤسسات الحكومية ولاسيما بعد فشل هيئة النزاهة في معالجة الفساد المالي والإداري حتى بات يعتقد البعض أن هذه المؤسسة بحاجة إلى الإلغاء ووجودها غير مفيد بل هو ربما جزء مساهم بتفشي حالة الفساد هذه حيث إنها إلى الآن لم تقم بمحاسبة الرؤوس الكبيرة للفساد في الإقليم، لذا نعتقد أن إعطاء صلاحيات هيئة النزاهة إلى مجلس الأمن في الإقليم ووكالة الحماية البارستن بوصفهما من أنظف واخلص المؤسسات فضلاً عن قدرتهما على امتصاص المعلومات من كل مكان وقدرتهما على المراقبة وتشخيص حالات الفساد ومعالجتها بحزم وقيادتهما ذات الخبرة الطويلة وجدارتهما في استتباب امن الاقليم ولاسيما ان مجلس الامن بات الامل الوحيد للشعب الكردي لانقاذه من هذه الازمة بعد ان سدت بوجهه جميع الابواب، ولنا بتجربة روسيا الاتحاد إذ استطاع رجل المخابرات بوتين من معالجة حالات الفساد الواسعة النطاق في روسيا وأعاد الهيبة لمؤسسات الدولة وانتقل بها إلى صف الدول العظمى في العالم.
مقالات اخرى للكاتب