في حديث مع عراقي كردي من دهوك, ورد اسمي الدكتور برهم صالح والأستاذ عادل مراد, لماذا لم يرشح احدهما رئيساً لجمهورية العراق بدلاً عن فؤاد معصوم الذي اختاروه مسماراً في نعش المتبقي من هيبة الدولة العراقية, او رئيساً للأقليم, خاصة وان تجربة الشعب الكردي وضعته امام خيار التحولات الديمقراطية ولم يعد للنظام الوراثي مكاناً في وعيه.
اجاب محدثي:
الدكتور برهم صالح اعترضت عليه رئآسة الأقليم و (الخالة) زوجة العم جلال, اما عادل مراد, فلا يمكن ان يكون رئيساً للجمهورية, ناهيك : عن رئآسة الأقليم.
ولماذا اذن ؟؟؟ سألت محدثي, فاجاب.
1 ــ الأستاذ عادل مراد لا يحضي بمقبولية امريكا والجوار, كون تاريخه وطني ويتمتع بعلاقات طيبة مع اغلب اطراف الحركة الوطنية العراقية.
2 ــ لا يحضى بمقبولية المكون السني, لأنه شيعي وكردي فيلي.
3 ــ لا يحضى بمقبولية المكون الشيعي, لأنه وطني وبالضرورة فهو علماني وبالضرورتين فالحداثـة كفـر.
4 ـــ لا يحضى بمقبولية المكون الكردي حتى على صعيد رئاسة الأقليم, لأنه (كوردي فيلي) والكرد الفيلية ينظرون لأنتمائهم القومي بعيون الوطنية العراقية, وهذا يتعارض مع ايديولوجية الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم ومع رئآسلة الأقليم ايضاً, اضافة لذلك, ان تاريخه الوطني يجعله موضع شك من قبل حيتان المال في الأقليم.
مثيرة للأستغراب "كونه كردي فيلي" حينها تذكرت يوم كنا وفداً للتضامن مع مظلومية الكرد الفيلية عام 2006 , التقينا في اربيل مع بعض الأساتذة الفيليين, تذمروا بمرارة من حالة التهميش التي يعانونها من حكومة الأقليم والحزب الديمقراطي الكردستاني حصراً, خاصة على اصعدة الوظائف العامة والسلك الجامعي والأعلام "يتعاملون معنا اصباغ (ديرم) لتحسين صورة الواجهات القومية, لا زال لنا الألاف من المهجرين في مخيمات ايران, وغيرنا يتبطر على ارضنا وداخل بيوتنا".
لم التقي الأستذ عادل مراد, فقط سمعت عنه وقرأت له, كأي كردي فيلي, مسكوناً بالوطنية العراقية وايديولوجية التسامح والتعايش والشراكة والأندماج مع الشقيق الآخر, جيد الموازنة بين وطنيته العراقية وانتماءه القومي, عشنا مع الفيلية من داخل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وكذلك في السجون واوكار التعذيب والتصفيات الجماعية, كانوا طليعة في الأيثار والتضحية والفداء, كم تمنيت ان ياخذوا كل ما املك من عتيق اوراق الخجل العثماني, ليمنحوني حرفاً من هويتهم الوطنية.
الأستاذ عادل مراد ــ كردي فيلي ــ لا يحضى بمقبولية اللامقبولين وطنياً واجتماعياً واخلاقياً وسلوكياً, رقع كريهة شوهت ثوب الوطنية العراقية, القيم في نظرها تحدياً علمانياً لمألوفاتهم, الأيمان بالعراق الواحد الموحد, انحرافاً عن ازقة الأقلمة, النزاهة والكفاءة شذوذ عن قانونية الأختلاس ودستورية الأرشاء, الحداثة مبيدات لقوارض السلف البائد, ثلاثة كيانات مصنعة, قسمتنا واقتسمتنا وتخطط الآن لخصخصتنا ثم عرضنا دولة ومجتمع في مزادات الجوار, مقبوليتهم لا تشرف وطنياً غيور.
عراقنا مزور, دولته حكومته دستوره ديمقراطيته وثقافته مزورة, شخصيتنا اصواتنا تصريحاتنا مواعظنا اسمائنا القابنا مزورة ايضاً, لا شيء فينا منا, واذا ما صرخنا فيهم, لقد اختنقنا بكم ايها الطارئون, يتهمونا بالعمالة والخيانة والمؤامرة والتخريب والأساءة لرموز حكومة العراق الجديد, ثم يهشوا علينا مليشياتهم المزورة لتأديبنا, من تحت مظاهرهم وسيمائهم تضحك على ذقوننا الشياطين.
هنا على كل مثقف او سياسي وطني, ان يطيل نفسه كما هو العراق, نفس الدلالين والوكلاء سينقطع عاجلاً, انهم الآن داخل غرف الأنعاش المتأخر على اسرة النفس الأخير, علينا ان نصدق العراق حتى ولو تأخرت كلمته, انه سيقولها وهي الآن على السنة المتظاهرين, انه العراق كما عرفناه دائماً في ساحات التحرير.
مقالات اخرى للكاتب