ما جرى في جلسة إستجواب وزير الدفاع العراقي ” خالد العبيدي ” ليس بأمراً غريباً, لأن جميع المشتركين بالعملية السياسية في العراق سواء كانوا نواباً أو وزراء أو قادة تحالفات وكتل هم جميعهم شركاء في كل ملفات الفساد التي بدأت تطفوا إلى السطح منذ اللحظات الأولى لتسنم المالكي للحكم, وهذا ما شهدناه في الدعايات الإنتخابية السابقة بكل دوراتها البرلمانية ومجالس المحافظات, والكل مشترك بهذا الفساد, لكن ما يظهره إلى الإعلام هو الخلاف والصراع السياسي الذي يحصل بينهم, وما حصل مع العبيدي خير شاهد.
فالأن يتصور بعض العراقيين إن خالد العبيدي رجل نزيه وشريف وغير متورط بملفات فساد وهذا ما دفع بهم إلى أن يتعاطفوا معه من جهة ومن جهة أخرى لأنه فضح رئيس مجلس النواب ” سليم الجبوري ” وبعض النواب الآخرين, لكن هذا لا يعني إنه شريف ونزيه, فأين كان قبل جلسة الإستجواب تلك ؟ لماذا لم يكشف تلك الملفات قبل هذه الجلسة لو كان نزيهاً ؟ لماذا كشفها بعدما أحس بأن الخطر بدأ يداهمه فكشفها من أجل الضغط على خصومه لغرض الإبقاء عليه في منصبه ؟؟!! أين كان طيلة هذه الفترة ليظهر لنا الآن بأنه الوطني والنزيه !!.
وهذه الحادثة هي ليس بغريبة بل هي قضية معروفة مقدماً وهي تدل على إن المؤسس للفساد هو البرلمان ونوابه وكتله وأحزابه دون أي استثناء, فنلاحظ إن السمة الغالبة باتت هي لغرض التسقيط والضغط على الخصوم وليس من أجل الإصلاح, فالبرلمان فاسد ويؤسس للفساد, والوزراء فاسدين ومؤسسين للفساد, وقادة الكتل والأحزاب ومن يدعمهم من جهات دينية فاسدين ومؤسسين للفساد, والجميع إتفق على أن يتخذ من عنوان الإصلاح ذريعة لتسقيط الخصوم ولتصفية حسابات عالقة, فكيف يمكن لنا كشعب يطالب بالإصلاح أن نثق أو نتوقع حصول إصلاح من هكذا فاسدين ؟.
وعندما نقول إن أصل الفساد هو البرلمان العراقي وإننا شخصنا هذا الأمر فهذا جاء وفق رؤية وقراءة المرجع العراقي الصرخي لشعارات الإصلاح التي رفعها جميع المشتركين بالعملية السياسية, وذلك في إستفتاء ” اعتصام وإصلاح…. تغرير وتخدير وتبادل أدوار ” حيث قال فيه :
{{… لكن يقال إنّ للإصلاح رجالًا وظروفًا وشروطًا ومقدّمات مناسبة، وواقع الحال ينفي وجود ذلك !!
ـ ولا أعرف كيف سيتم الإصلاح بنفس العملية السياسية ووسائلها وآلياتها الفاسدة المُسَبِّبة للفساد؟!
ـ وهل الفساد منحصر بالوزَراء أو أنَّ أصلَهُ ومنبَعه البرلمان وما وراء البرلمان، فلا نتوقع أي إصلاح مهما تبدّل الوزراء والحكومات مادام اصل الفساد ومنبعه موجودًا ؟!!
ـ وهل نتصوّر أن البرلمان سيصوّت لحكومة نزيهة (على فرض نزاهتها) فيكون تصويتُه إدانةً لنفسه وللكتل السياسية التي ينتمي اليها؟!
ـ وأدنى التفاتة من أبسط انسان تجعله يتيقّن أنه لا يوجد أمل في أيِّ اصلاح لان كل المتخالفين المتنافسين المتصارعين قد اتّفقوا على نفس التهديد والتصعيد وهو سحب الثقة من رئيس الحكومة وحكومته!!! وهذا التهديد ونتيجته الهزلية يعني وبكل وضوح الرجوع إلى المربّع الأوّل في تشكيل حكومة جديدة حسب الدستور الفاشل وتوافقات الكتل السياسية نفسها والدول المحرّكة لها،
ـ وعليه ينكشف أن الإصلاح ليس بإصلاح بل لعبة للضغط والكسب أو للتغرير والتخدير وتبادل الأدوار قد أذنت به أميركا وإيران !!
ـ وهل تلاحظون أن الجميع صار يتحدث ويدعو للإصلاح وكأنهم في دعاية وتنافس انتخابي !! و موت يا شعب العراق إلى أن يجيئك الإصلاح!!!
ـ وهكذا سيتكرر المشهد إلى أن تقرّر أميركا تغيير قواعد اللعبة السياسية في العراق، أو أن ينهض شعب العراق ويلتحق بالشعوب الحرة مقتلِعًا كل جذور الفساد، حيث لا يوجد أيُّ مسوّغٍ للقعود والخضوع والخنوع لا في الشرع ولا في المجتمع ولا في الأخلاق …}}.
وهذا يعني إن واقع العراق على حافة الإنهيار بل إنه الآن في مراحل متقدمة من الإنهيار في كل مرافق ومفاصل الحياة ولا يمكن تغيير وتصحيح هذا الواقع إلا بعد أن يقوم الشعب ويقول قولته ويحدث التغيير الجذري الحقيقي وكنس جميع المفسدين وحل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص وطني كما جاء في مشروع خلاص الذي طرحه المرجع العراقي الصرخي, وأن لا يلتفت الشعب لمرجعية السيستاني مطلقاً ولا يعول عليها في إنقاذ العراق, وذلك لأنها هي من جاءت بهؤلاء الفاسدين, وكذلك لأنها تسترت على الفاسدين وعلى ملفاتهم, وأوضح دليل على ذلك هو إنها إلى الآن لم تكشف ملفات الفساد التي سلمها لها ” الجلبي ” قبل موته وهذا حسب ما صرح به هو إعلامياً!! فلماذا إلى الآن مرجعية السيستاني تتستر على تلك الملفات وتخفيها ؟ عن لم تكن تملكها لماذا لم تنفي كلام الجلبي وتكذب ما قاله ؟ فسكوتها هذا يعني إنها تتستر على الفاسدين وإنها متورطة في الفساد, وإذا كشفت تلك الملفات سيكون موقفها الآن كموقف الجبوري عندما استجوب العبيدي وبالتالي فضيحة مدوية للجبوري.
مقالات اخرى للكاتب