سَارَ فِي شَارِعِ الرَشيدِ، يُقَلبُ مَعَالِمَهُ بَينَ نَاظِرَيهِ، شَاهَدَ بَائَعَ الأحذيةِ، يُلمِعُها وَيَضَعُها فِي إطارٍ زُجاجيٍ فَخمٍ، بِوَاجِهةِ الدُكانِ، فأعجَبَهُ المَنظَر، ثُمَّ أتمَّ مَسيرَهُ حَتى وَصَلَ إلَى شَارعِ المُتَنَبي، حَيثُ مَنَارة الفكرِ والثقافةِ، وِعِندَ دِخُولِهِ إلَى الشَارعِ، رَأى بَائَعَ الكُتبِ، يَرمي الكِتَابَ عَلَى بِلاطِ الرَصِيفِ، وَيَصَّفَهُ بِحذائهِ مَعَ إخوَتِهِ، فإنهَمَرتْ دُموعَهُ، كَشَلالٍ مِنْ فَوقِ طَودٍ عَظيمٍ، وأحتَضَنَ الكِتابَ وأجهَشَ بِالبُكاءِ.