ولد النبي داوود في فلسطين في القرن الرابع ق.م ، ابوه أسمه يَسي وله سبعة اخوة اكبر منه،ظهرت عليه كريزما الرجولة والشخصية القيادية منذ الصغر، كان هادئا ومتطلعا في حياته لكل جديد، صَنع من الشجر واغصانه قيثارته وعوده الموسيقي المفضل الذي عزف فيه مزاميره وهو يرعى الغنم، لكنه لم ينسى حياته العائلية وما كان يدور حوله من احداث، لم يكن طموحا لنيل القيادة المجتمعية رغم تطلعه لها قدر طموحه تحقيق العدالة بين الناس ،لذا أعتبره المؤرخون بداية الأصطفاء الرباني للناس..
داوود جاء أصله من ذرية نوح،والقرآن يؤكد ان داوود لم يكن معروفا عند بني أسرائيل ولا مكانة له عندهم،لكنه كان جندياً عند طالوت (البقرة 246 )،ولم ياتيه الملك والحكمة الا بعد مقتل جالوت،(البقرة 251). لذا علينا ان نميز بين اليهود وبني أسرائيل..
المرحلة الاولى من حياة داوود :
نشأ داوود نشأة انسانية صرفه ،كان هدفه في الحياة ان يُعلم الناس طريق الأستقامة والعمل الصالح ، حتى تم اختياره من بين اخوته السبعة الكبار ملكاً لعدله واستقامته وحبه للناس بعد مقتل جالوت وانتقال السلطة لعامة الناس. لم يكن داوود من نسل يهودا ولا من نسل لاوي.فلا زال نَسلهُ يلفه الغموض .
يقول داوود في مزاميره ناصحاً عامة الناس :
"عليك ان لا تنخدع بالمظهر،بل بالجوهر،على الانسان ان يتعلم من اخطائه ولا يلدغ من جحرٍ مرتين "..
وكان يعتقد ان قوة الشفاء من المرض لا تكمن في المزاميروالترجي، بل بالقوة الروحية للمتكلم وأصراره على مقاومة الباطل حتى ولو هلك.
يقول داوود : قتل الفلسطيني بالنسبة لليهود عقيدة حتى تكوين دولة اسرائيل في فلسطين. ويقول : اليهودي منذ البداية كان يخشى الفلسطيني لرجولته في الحرب.
كان يعتقد داوود : ان الرعاية في الخدمة العامة مهما تكن فهي خدمة للشعب وللانسان.
ويقول :الاسرائيليون جبناء اذا مات قائدهم او قتل هربوا ، ولا يصبروا على ضيم ، مملكة ابليس باطلة – يقصد بالباطل- سرعان ما تسقط كما سقطت دولة العملاقة القوية.
وقال :
الشعوب لا تتنازل عن اوطانها ابدا ، فالتنازل هو الخيانة . النازيون الألمان اخذوا من مزامير داود هذا النص حين قال احد قادتهم :" ان احقر الناس عندي من ساعدني على احتلال أوطانهم". لذا
2
فالخائن للوطن والشعب لا مكانة له في التاريخ..في الحياة ذليل ،وبعد الموت كلب حقير.كما خان ابو رغال مكة فقتلته العرب ، وظل قبره يرجم بالمغمس قرب مكة الى اليوم،وسموه بالشيطان.
التسبيح جاء عند داوود ؟ وجاء به القرآن ؟ لكن الفرق بين الرأيين كبير...؟
ا المرحلة الثانية من حياة النبي داوود:
تتحدث هذه المرحلة عن الحكمة في عهده،والحكمة في نظره ، هي وسيلة للهروب من الشر والاشرار،الى حيث البر والأبرار، لان صاحب القلب المحب هو المنتصر على الاخرين. ويقول داوود في مزاميره :لاغاية تبررها وسيلة،فالحق بَين بين الناس مهما اختلفوا في الموقع..قاعده نسيناها ولم ندخلها في مناهجنا الدراسية مع الأسف.لم يُعر داود من أهمية للوجهاء قدر اعارته للحق والعدل والأستقامة منهم.. ولم يُجامل او يُداهن في حقٍ..؟
يقول داوود :
الاشرار يؤمنون بحكمة شيطانية ،لان حكمة الله حكمة طاهرة مسالمة ، مملوءة بالرحمة وصالحة لا ريب فيها ولا شك. الاشرار ديدنهم التلفيق والاتهام الباطل، والابرار ديدنهم الصدق والايمان .يعترف بعالم المادة والواقع ولا يعترف بعالم اللاهوت. يرفض وجود قوانين في الحياة غير قابلة للفهم،يتهم فيها رجال الدين لتثبيت مصالحهم على العامة.
يقول داوود يجب استعمال الحكمة دون مبالغة ، والا اصبحت استهتاراً ، والصرامة (القوة المفرطة ) كقاعدة توقع في فخ الجريمة، لكن الاعتراف في كلتا الحالتين هو سيد الادلة كما يقول القانون ؟
ويقول داوود :
الاعتراف عند الله هو بوابة المغفرة والصلح الآلهي، لذا دوما عليك ان تبحث عن الخطأ في داخلك ولا ترفع اصبع الاتهام على الغيرالا بدليل بَين.منه أُخذ القانون ودون في عهد حمورابي البابلي : " البينة على من أدعى...واليمين على من أنكر"...وأضيف له عند المسلمين عبارة أخرى، حين قالوا : الا من حرم حلالا .., وحلل حراماً.
من هنا فأن النظرة الفلسفية للدين عبر الزمن هو عرض وجهات النظر في الوجود الانساني والمعرفة الكلية والتشريع والاخلاق والجمال والاقتصاد والتاريخ وليست العبودية المطلقة ،آخذا بعين الاعتبار شمولية الحقوق الانسانية التي جاءت من نظرية الحقوق عند الآدميين ، وليس الاجبارفي العقيدة كما يعتقد فقهاء الدين.وفي الاسلام "لكم دينكم ولي دين".فليس كل من لا يؤمن بدين هو كافر،لكن الكافر عرفا ويقينا هو الظالم لحقوق الله والأخرين..؟
منذ عهد النبي داوود ومن قبله النبي نوح وبقية المرسلين الذين جاؤا بكتاب او بأصطفاء كانوا يهدفون لىتثبيت قانون الصيرورة(نظرية التطور) حيث تكمن عقيدة التوحيد،وقانون تغير الاشياء،لاستمرارية تطوير المنهج
3
الاخلاقي والدراسي القائم على البينات المادية وليس على البينات اللاهوتية،واجماع اكثرية الناس في الحقوق . لذا فان حرية الناس في التعبير عن الرأي وحرية الاختيار هما اساس الحياة الانسانية في الوجود.
لم يعطِ داوود نصيبا للكهنة ورجال الدين في حقوق المجتمع ولم يذكرهم بخير ابدأ ولم يميزهم عن الأخرين، والقرآن الكريم لم يعترف بهم ولم يخولهم حق الفتوى على الناس،وعدهم الفلاسفة أنهم شرور الناس لأنهم يقولون ما لا يفعلون حتى ملت العامة سماعهم، فهل يتعظ المسلمون اليوم من حكم الانبياء،بعد ان اعطى القرآن الحقوق للناس دون تمييز ؟.
يقول القرآن الكريم :" وقل الحقُ من ربكم فَمن شاء فليؤمن ومَن شاءَ فليكفر،انا أعتدنا للظالمين ناراً،الكهف29" .ولم يقل الله لللكافرين نارا ،لأن الظلم هو المقصود بكلمة الكافرين (نظرية جدلية ).
نعم كل شيء يقبل الا ظلم الناس وخيانة الأوطان ، لذا عدها الحكماء المشرعون حَوَبٍ عند الله على الظالم ،وخاصة اذا كانت بيده سلطة الناس. فهل يتعظ من يحكمون الوطن اليوم بظلم الناس دون عدل وحقوق ...؟
فلسفة نبوية يريد بها النبي داوود... العدالة والاستقامة ولا غير.
مقالات اخرى للكاتب