العراق تايمز ــ كتب كاظم فنجان الحمامي: أكثر من تسعين فضائية عراقية وأكثر من ألف محطة إذاعية محلية في عموم المحافظات العراقية فقدت القدرة على التركيز, ولا تعلم شيئاً عن سر اختفاء الرئيس طالباني, حتى زعماء الكيانات السياسة والوزراء والسفراء والأمراء لا يعلمون شيئاً عن الرئيس الغائب, الذي اختفت ملفاته من سجلات المستشفيات الألمانية في مسرحية سياسية مريبة من إعداد وإخراج قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني.
من المفارقات المضحكة أن الصحف العراقية, التي يفترض أن تكون سبّاقة أكثر من غيرها في رفع أغطية الكتمان عن موضوع المومياء الرئاسية, صارت تتناقل التسريبات التي تنشرها الصحف الغربية من وقت لآخر عن وفاة الرجل الخفي منذ زمن بعيد في المشافي الألمانية.
ويبقى السؤال: هل تخشى علينا حكومتنا الحكيمة من الصدمات العنيفة التي قد تصيبنا عندما نعلم بموت رئيسنا الأوحد, الذي لا يعرفنا ولا نعرفه ؟. أم أن الفراغ الذي سيتركه جلالته لا يمكن تعويضه الآن في هذه المرحلة الحرجة ؟. أم أن التكتم على موته سيمنع تمزق البلاد, ويحول دون تبعثر العباد, ويمنع تفجر براكين الفساد ؟. وهل موت جلالته أرفع وأسمى وأجل وأعظم من موت آلاف العراقيين في الشوارع والأسواق بالعبوات والمفخخات الناسفة والمسدسات الكاتمة ؟. وهل صار رئيسنا رمزا من الرموز الوطنية النادرة, التي ينبغي الاحتفاظ بها في متاحف الشمع, أو تخليدها على الطريقة الفرعونية المضمونة النتائج في التحنيط والتعليب داخل التوابيت المفرغة من الهواء ؟.
يبدو أن طقوس العبادات الصنمية, وتأليه الأرباب الآدمية, وتمجيد الزعامات الزائلة, وطقوس الخضوع المطلق للفرد الواحد ظلت تُمارس عندنا حتى يومنا هذا, وظلت تراود أصحاب التطلعات السلطوية المريضة, وإلا بماذا تفسرون هذه المجاملات الدستورية الصريحة ؟. وما جدوى هذا التعتيم على حالة السيد الرئيس أطال الله بعمره إن كان على قيد الحياة, وشمله الله بواسع رحمته وغفرانه إن كان فارق الحياة ؟.
وأخيراً وليس آخراً ما الذي يدعونا إلى ترقب وقوع المعجزة التي تعود فيها الروح إلى جسد الرجل, الذي إذا حضر لا يُعد وإذا غاب لا يُفتقد, وهل للروح عودة بعد طول غياب ؟.
رحم الله أديبنا الكبير توفيق الحكيم فقد اقترنت عودة الروح بعودة الوعي إلى مؤسساتنا الإعلامية المنشغلة هذه الأيام بأخبار عرب غوت تالنت.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين..