بغداد: وكالات
كشفت صحيفة الوال ستريت جورنال أن البنك الفدرالي المركزي ووزارة الخزانة الأميركية قطعتا تدفق النقد الأميركي إلى حساب البنك المركزي العراقي هذا الصيف، بسبب مخاوف من وقوع الأموال في البنوك الإيرانية أو في أيدي داعش. على أن يتم استئناف التحويلات فقط بعد موافقة المسؤولين العراقيين على فرض ضوابط صارمة على توزيع عملة الدولار.
وتمثل القضية نقطة حاسمة في جهود الحكومة الأميركية لتجنيب وقوع الدولارات في أيدي خصومها، فيما تلقي الضوء على الطريقة التي تحصل فيها الدول على النقد الأميركي.
وقال جونوثين شانزر، مسؤول سابق في وزارة الخزانة وعضو في مركز حماية الديمقراطيات في واشنطن، في حوار خاص مع "العربية.نت" إن تاريخ الحساب يعود إلى عام 2003 . "الولايات المتحدة ملتزمة بضرورة الحفاظ على السيولة المالية العراقية، والحساب كان يستخدم لنقل المساعدات و القروض الأميركية إلى بغداد كما يستخدم عندما ترغب العراق في بيع البترول، حيث إن عملة الدولار هي المستخدمة للتعاملات الدولية."
وأضاف شانزر. "هذا الأمر ليس بالغريب، فهناك الكثير من الدول التي تحتفظ بحساب مع الفدرالي الأميركي والقادر على نقل مبالغ كبيرة من الدولارات عند الحاجة. فعندما تصل هذه الدولارات إلى البنك المركزي العراقي يقوم "ببيعها" أو إقراضها -عبر مزاد يومي- للمؤسسات المالية العراقية، مثل البنوك والمصارف، التي تقوم بدورها بإقراضها أو تحويلها للشركات والأشخاص. بهذه الطريقة يتم توزيع وتداول الدولارات في الاقتصاد العراقي".
وأضاف أن المشكلة في وقوع النقد بأيدي البنوك الإيرانية أو داعش تعود لديسمبر العام الماضي. المسؤولون الأميركيون عبروا عن قلقهم من الزيادة في مبالغ الأموال المحولة إلى العراق، بدون الحصول على سبب واضح لذلك. عندها دعا الفدرالي ووزارة الخزانة مسؤولين عراقيين إلى اجتماع سري في اسطنبول لنقاش القضية.
فالفدرالي حول أكثر من ثلاثة عشر مليار دولار من حساب العراق إلى البنك المركزي في بغداد عام 2014، مقارنة مع أقل بقليل من 4 مليارات دولار عام 2012، كما نقلت الوال ستريت جورنال.
القلق الأميركي تركز أولا على حوالي ألفي مركز صرافة ذات علاقة مع داعش. هذا الصيف اكتشف الأميركيين -عبر مسؤولين عراقيين-أن ثلاثة بنوك إيرانية تحت قائمة العقوبات – هي بنك التعاون الاسلامي وبنك ميلي والبنك الفارسي – حصلت على ملايين الدولارات عبر المزاد اليومي أيضا.
وقال شانزر "إن الفرق في المبلغ – ما بين العام الماضي وما بين عام 2012 – لا يعود كله لأسباب مقلقة "شراء الدولار هو عبارة عن التوجه نحو الأمان، ففي فترات القلق يريد الأشخاص والشركات الاحتفاظ بالسيولة المالية، والثقة تنصب في عملة الدولار."
وأضاف أن القانون الأميركي يمنع الفدرالي من إرسال أي أموال يشك البنك في أنها ستستخدم لتمويل الارهاب أو ستذهب لجهات تفرض عليها العقوبات. فالدولارات هي العملة العالمية الموثوقة وتريد الولايات المتحدة الاحتفاظ بها كذلك، أهمية الدولار يعني أيضا أن التعاملات المالية تصبح سلاحاً آخر في ترسانة الولايات المتحدة ضد الارهاب أو في مكافحة الحكومات غير الصديقة. فاستخدام الدولارات هو ميزة وليس حقا".
وأكد شانزر أنه بعد أشهر انقطعت فيها التحويلات قام الفدرالي أخيرا بإرسال 500 مليون دولار إلى البنك المركزي في بغداد في أغسطس، ولكن فقط بعد أن تأزم الوضع وبعد أن قال البنك المركزي إن احتياطاته من الدولارات تدنت لدرجة كبيرة.
وقال مسؤول تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة دانييل جلاسر لصحيفة الوال ستريت جورنال "من ناحية مكافحة الإرهاب، فإنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن يعاني العراق من أزمة اقتصادية ناتجة عن نقص في عملة الدولار". وأضاف "المسؤولون الأميركيون يرون أن التعاون بين بغداد وواشنطن تحسن وأن القضية تمثل خطا رفيعا تلتزمه وزارة الخزانة والفدرالي الاحتياطي، ما بين مكافحة الارهاب من ناحية، وما بين توفير الأموال اللازمة لتسيير الاقتصاد من ناحية اخرى.
من جهته، قال شانزر إن التأثير ليس كبيرا كما يقول المراقبون. "ما زالت هذه البنوك الإيرانية وما زالت داعش تستطيع التعامل بالريال أو الدينار، وخاصة فيما يتعلق بالتعاملات الداخلية". ولكن التأثير سيكون في قدرة هذه الشركات والمؤسسات على التجارة الخارجية. كذلك تحرمها هذه الخطوة من الحصول على الدولارات والتي تعتبر عملة آمنة وخاصة في فترة الحروب والأزمات وفترات انعدام الثقة بالعملات المحلية.
