أنجب الكيان الشيعي العدد الأكبر من مثقفي العراق في مختلف الإختصاصات ، وهؤلاء الغالبية العظمى منهم تتوزع توجهاتهم مابين العلمانية الليبرالية المستقلة ، ومابين اليسار والتيار القومي ، وقلة منهم من ذوي الميول الإسلامية .
وإنفصال المثقف الشيعي وبُعده عن التفاعل والتعبير والدفاع عن هويته يعد أحد أكبر مشاكل الكيان طوال التاريخ الحديث ، وخسارة باهضة ، فهذا المثقف يشعر بالخوف والذعر والغضب إذا ماتم ربطه بهويته الشيعية ، ويرفض بشدة ان يُحسب عليها ، وهو يلوذ يالصمت التام حتى مع حدوث المجازر اليومية لأبناء طائفته ، بإختصار الكيان الشيعي كيان خذله أبناؤه المثقفون وبخلوا عليه حتى بكلمات بسيطة دفاعا عن مشروعية حق التمتع بالتعبير عن الهوية والعيش بسلام !
لماذا يخاف المثقف الشيعي التعبير عن هويته ؟
يرفض المثقف الشيعي ان ينسب الى طائفته أو يدافع عن حقوقها خوفا من ان تلصق به تهمة التعصب الطائفي وينظر اليه كشخص متخلف رجعي يعمل ضد الوحدة الوطنية ، ويشجع الإنتماءات الضيقة البالية ، ويؤيد الممارسة غير الحضارية مثل طقوس عاشوراء كاللطم والتطبير والبكائيات ... وهو يشعر بالرعب من تهمة العمالة للمخابرات الإيرانية !
أيضا إحتكار المرجعية والاحزاب تمثيل الشيعة ، وصبغ الطائفة كلها بصبغة دينية ، وتهميش المستقليين العلمانيين وغيرهم من ذوي التوجهات السياسية .. ساهم في إبتعاد المثقف الشيعي عن هموم قضيته ومصيره ووجوده المستهدف.
بينما نلاحظ أبناء الهويات الأخرى يفتخرون بالإنتماء اليها والدفاع عنها ، على سبيل المثال : المثقف المسيحي الماروني اللبناني تجده يتحدث بكل إعتزاز عن هويته ، وكذلك المسيحي القبطي المصري هويته تسبق إسمه دائما ، وااليهودي في كل مكان من العالم ، وغيرهم من أبناء الهويات.
ماهو الحل لمعالجة هذه المشكلة ؟
معالجتها تتطلب عدة خطوات من بينها: إدراك المثقف الشيعي انه مهما كان مستقلا وعلمانيا يتغنى بالوحدة الوطنية ودولة المواطنة ، وحتى لو كان غير متدين وضد سياسية الأحزاب الشيعية ، ومعارضا للتدخل الإيراني .. رغم كل هذا فهو سيظل مستهدفا بجرائم الإبادة الجماعية لقتل الشيعة ، فالمطلوب القضاء على كل شيعي مادامت هويته من أبناء هذه الطائفة ، أيضا من بين المعالجات : نزع الطابع الديني عن الطائفة والتخلي عن إحتكار تمثيلها من قبل المرجعية والأحزاب الحالية ، وفتح الباب أمام الجميع للمشاركة في االبناء والدفاع عن كيانهم المدني .
لكن حتى في ظل الظروف الراهنة والحصار والإقصاء للمثقف الشيعي .. فإنه مطالب بالفصل والفرز مابين رفضه لتسلط القوى الدينية على االكيان الشيعي .. ومابين واجبه الأخلاقي في الدفاع عن حقوق الإنسان في حرية المعتقد والعيش بسلام ومنها حقوق الشيعة في التمتع بحرية التعبير عن هويتهم بإعتبارهم تجمع بشري مسالم كانوا طوال التاريخ ضحية للإضطهاد الطائفي السياسي رغم مايحملونه من قيم نبيلة تحارب الظلم وتدعو الى العدالة !
مقالات اخرى للكاتب