لا شك أن المشاهد العربي والعراقي بشكل خاص لديه الحرية في اختيار المحطة أو القناة التلفازية، وقد كان لهذا التعدد الذي لا يحصى تأثير كبير في اختيار القناة التي يمكن أن تكون هي المفضلة له أو يضعها في أولويات مشاهدته، ونشير هنا وبشكل خاص إلى المشاهد العراقي المعني في موضوعنا هذا، حيث نقسم المشاهد في اختيار القنوات ولكثرة تعدادها منها الدينية والترويجية إلى الطائفية أو المذهبية ومنها العلمانية والتي تركز في برامجها على حرية التعبير وكشف الممارسات الضارة في المجتمع وقنوات تهتم بالجانب الفني والمنوعات، حتى أصبح المشاهد العربي في حيرة من أمره في اختيار القناة التي قد تلبي رغبته أو رغبة عائلته، ولكن في نهاية المطاف يستقر على إحدى القنوات مجبراً وليس مخيراً والتي تهتم بالشأن الداخلي وتكشف الممارسات السيئة لبعض المؤسسات الحكومية وضعف الخدمات المقدمة للمواطنيين، وقد امتازت قناة البغدادية بنسبة عالية من المشاهدة وخاصة برنامج الساعة التاسعة الذي يقدمه أنور الحمداني، والذي يكشف سوء عمل بعض ممن تولى المسؤولية في الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 وإلى يومنا هذا، وقد كشفت استطلاعات الرأي أن البغدادية حازت على أعلى نسبة مشاهدة، وذلك بسبب سياستها التي اقتربت من المشاهد والمعلومات التي طرحتها في برامجها والقريبة من إحساس المواطن العراقي وحاجته للإطلاع على ما يجري.
وفي اعتقاد الكثير من المشاهدين أن أغلب القنوات الأخرى هي إما مدعومة من دول أو من مستثمرين أو من طالبي الجاه وأي قناة تولد مجدداً تعترضها حيتان القنوات المدعومة إذا كانت هذه القناة تسير في طريق تصحيح المسار الأخلاقي والإعلامي في عالمنا العربي الذي اختلطت فيه المادة الجيدة بالفاسده من الإنتاجات التلفازية التي شوهت الصورة العربية والإسلامية، وهذا ما نشاهده في القنوات المتخصصة في الجوانب الدينية والمنوعة، وهنا ندخل في مسار القنوات المغرضة والتي تضع في مقدمة خططها الربح السريع والترويج إلى السلوك المنافي لأخلاقنا ومبادئنا وتاريخنا والتركيز على الإتجاهات الطائفية، مما يخلق حالة من التزمت الطائفي وزرع الفتنة بين ابناء الوطن الواحد وزعزعة الإستقرار المجتمعي الذي يؤثر بشكل كبير على الإستقرار الأمني ويستغل هذا من أطراف لا تريد الأمن والسلام للعراق وشعبه وخلق حالة من التفرقة مما ينشر ويبث عبر هذه القنوات واستغلال هذه المنابر الفضائية لبث الفرقة وإشاعة مواضيع بعيدة كل البعد عن ديننا وسيرة الرسول الكريم محمد (ص). وكذلك هناك البعض من القنوات التي اتجهت إلى الطريق الأسهل في بث برامج مخلة وبعيدة كل البعد عن مبادئ وأخلاقية العمل الإعلامي وإظهار المجتمع العراقي كأنه بدائي وجاهل وعديم الثقافة والمنطق واستعمال اللهجة العامية في مخاطبة الجمهور، علماً أن هذه القنوات هي فضائية وتصل إلى جمهور عربي وعالمي ومؤسسات رأي واستطلاع تحلل وتدرس طبيعة هذه القنوات، ولو أن جمهور المتلقي عزف عن مشاهدة هذه القنوات وقسم منها غادر الفضاء لفشل عملها وضعفها البرامجي والفكري.
بعد كل هذا الذي ذكر ما هو المطلوب من الجهات التي تريد أن تحافظ على ما تبقى لنا من حسن السيرة والسلوك ووضوح الرأي، هنا لا بد من أن نشير ونحن في بداية عام جديد أن تهتم الجهات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني خاصة نقابة الصحفيين والمؤسسات الثقافية والعلمية والمختصين بالشأن الإعلامي بوضع دراسات وتحليل اتجاهات القنوات الفضائية وعملها والمشرفين عليها وإجراء الندوات والمحاضرات والدورات التي تساهم في تقويم عمل هذه القنوات وإبعادها عن السلوك الخاطئ في مخاطبة المجتمع ووضع ضوابط تحد من ظاهرة إضعاف اللغة العربية في تقديم الأخبار والبرامج والتقليل من بث البرامج التي تستعمل اللهجة العامية للقنوات الفضائية واقتصارها على القنوات الأرضية إضافةً إلى ذلك وضع حدود لمن يدلي بمعلومات قد تكون أمنية أو إقتصادية أو اجتماعية عبر القنوات والتي تثير حالة من الذعر لدى المواطن، والقسم الكبير من هذه المعلومات غير دقيقة ومفبركة وتساعد على اشاعة روح من عدم الاستقرار واستغلال حرية الإعلام في البرامج والأفكار الضارة وغير الهادفة.
ولا بد من أن يكون لمراكز الدراسات والبحوث دور كبير في تحليل اتجاهات هذه القنوات الفضائية العراقية العاملة داخل العراق وخارجه، وأن ابتعاد الحكومة وعدم التدخل بهذا الإتجاه بحجة حرية الرأي والرأي الآخرلا يضر بأن يكون لها دور في انشاء جهات لمراقبة توجهات القنوات الفضائية وعملها والتنسيق بما لا يضع عراقيل وضوابط تحد من حرية الإعلام.والمسؤوليين عليها بل العكس اعطاء مساحه واسعه لعملها مع انشاء منظومة رقابه تؤشر للجهات ذات العلاقه الاخطاء والانحراف في اخلاقية ومبادئ الاعلام وللمعلومات ان كثر الدول ديمقراطيتا تضع ضوابط تحد من نشر التشهير و المعلومات الامنيه وكل مايتعلق بسلامة البلد وامنه
مقالات اخرى للكاتب