يبدوا ان الشعب العراقي اصبح عدوا لمن لا عدو له فبعد ضربات الارهاب القاسيه التي عصفت به من حدب و صوب امام انظار العالم حتى اصبح في العراق نهرا ثالث الى جانب دجله و الفرات, لكنه نهرا من دماء الشعب العراقي التي استمر نزيفها لاكثر من عقد من الزمن دون ان يتحرك الضمير العالمي تجاهه و اكتفى بالشجب و الادانه و التمني بتحسن الاوضاع التي يعيشها الشعب العراقي صاحب الحضارات و القيم الانسانيه و اول شعب وضع نظاما للقراءه و الكتابه و اول شعبا شرع القوانين ...الخ من الكلام الذي لا يغني الفقير و لايشبع الجائع, و الذي لم يكن سوى تمنيات دون تحرك حقيقي منه (المجتمع الدولي) ؛ و لكن هذا الموقف ليس غريبا فمن يصمت على ملايين الضحايا من الشعب الفلسطيني, و الاف الضحايا من الشعب السوري , فمن المأكد انه لم يتحرك من اجل ضحايا الشعب العراقي خصوصا و ان الاحتلال الامريكي كان رغما عن ارادة المجتمع الدولي الذي يدعي انه يحافظ على السلم و الامن الدوليين؛ لكن و كما يبدو انه استمر في حالة ادعاء فقط دون ان يتطور ليصل الى مرحلة العمل الحقيقي, و الا فما الذي قدمه المجتمع الدولي ممثلا بالامم المتحده الى شعوب العالم المنكوبه العربيه و غير العربيه ؟ التي عانت ما عانت سواء من الارهاب العالمي الذي ربما فاق بتطوره و قوته و شهرته ما للامم المتحده من شهره و قوه او من الحروب الاهليه التي كان سببها التدخل الاقليمي لدول تجد في ذلك حفاظا على مصالحها فهاتين الحالتين وجهان لعمله واحده هي الحرب التي تعد ابرز اسباب وجود منظمه الامم المتحده ؛ لكن في النهايه ليس هذا مقصد حديثنا لانه يطول و ربما يبعدنا عن الهدف الرئيسي لما نود عرضه.
و ايضا يبقى الارهاب و ما يملكه من قدرات و وسائل ترهيب و سائل تمويل سواء بالمال او السلاح غير قادر على التوغل الى الدول التي تملك قوه و رغبه حقيقيه في مواجهته و الانتصار عليه و عدم السماح له بتدنيس شبرا واحد من ارض الوطن و هذه المهمه لا تتطلب خططا عسكريه او سلاح فقط بل يجب ان يكون الحس الوطني و الايثار لدى المسوؤلين اولا و الشعب ثانيا (و ان كان الشعب قدم اكثر مما هو مطلوب ) و الا فلا يمكن للسلاح ان يدحر الارهاب دون وجودهما فهما الحافز الاساسي في هذه المعركه بين من اغلقوا عقولهم بأغلفه التعصب الديني و المذهبي و اصبح القتل بالنسبه لهم(سواءلانفسهم او لغيرهم) من ارقى درجات الايمان و بين من يحاربون من منطلق الولاء للوطن اولا و اخيرا الذي يضم(الوطن) اطياف متعدده سواء دينيه او قوميه علما ان هذا التعدد يجب ان يكون مصدرا للقوه لا العكس الذي نشاهده اليوم في العراق تحديدا فقد اصحبت التعدديه في العراق مصدرا للقلق و سببا من اسباب الضعف و يبدو ذلك واضحا في واحده من اهم مؤوسسات الدوله التي يفترض ان تكون موحده في هذا الموقع لانها لا تمثل نفسها بل تمثل شعب بأكمله دون تمييز او عنصريه فأذا كان هناك حق يجب ان يطالب به الجميع و ان كان باطلاً يجب على جميع محاربته (و لا احد يعقل ان يكون الارهاب على حق و ان محاربته تتطلب تظافر جهود الدوله بمؤوسساتها لمحاربته و الحفاظ على الوطن و الشعب من شره)و هذه من صفات الانسانيه و اصحاب الضمائر الحيه قبل ان تكون واجبات قانونيه دستوريه او حتى شرعيه اذا ما اردنا البحث في الشرائع السماويه التي يؤمن بها اصحاب المناصب العليا في العراق و هكذا نجد ان الارهاب الذي تمثله القاعده و ان لم ينتصر بشكلا مادي في العراق و لو بصوره نسبيه كون الضربات الانتقاميه التي طالت الشعب العراقي فقط دون سكان كوكب المنطقه الخضراء تجعله على مشارف النصر الاكيد اللذين وصلوا الى هذا الكوكب عبر سفينه ابحرت على نهر الدم العراقي الذي ضحى من اجل اتخلص من الانظمه السابقه و ضحى من اجل العمليه السياسيه و ضحى من اجل الدستور و لكنه في النهايه وجد نفسه اعطى فقط بل ربما تجاوز طاقته فيما اعطاه دون ان يحصل على شئ بل اتهم بعد كل ذلك بتهم يعجز العقل عن تصديقها ابرزها عدم التعاون من الحكومه و مؤوسساتها من اجل النهوض و البناء و الاعمار ...الخ.
ان مصطلح الارهاب جاء بشكلا عام و لا يمكن حصره بجماعه واحده فقط بل هو يشمل كل من يحارب المجتمع الانساني و لكننا تعودنا على فهمه و قصره على من يحمل السلاح فقط و ما يحدث اليوم في العراق لا يمكن ان يفسر الا من خلال استخدام هذا المصطلح فعندما يحرم الشعب من حقوقه فذلك ارهاب؛ و عندما يقتل و يعتقل دون وجه حق فذلك ارهاب؛ و استخدام الدين لمصلحة جماعه سياسيه و افهام المجتمع انها الاقرب الى الله (كما تدعي) و محاربة من يعتقد غير ذلك فهو ارهاب ؛ و الحاله الاخيره اقرب ما يكون الى الارهاب الذي اعتدنا عليه و الذي اسس له كيان يعرف بالقاعده التي تتخذ من تعاليم الدين (كما تعتقد) دستورا لها و لعل ما حدث في الامس هو الارهاب بعينه الذي جاء ليحارب من افنوا حياتهم في خدمة الوطن و اللذين يجب اعتبارهم الجنود الاوائل في محاربة الارهاب الحقيقي اللذين سبقوا العمليه السياسيه الحديثه في العراق في محاربته ؛ انهم المتقاعدين شكلا فقط , فهم و ان كانوا تركوا العمل الوظيفي قانونا الا انهم لا زالوا يمارسون اعمالا ربما لا تعليق بهم و بأعمارهم؛ و ما يجبرهم على ذلك هو لقمة العيش و مصاعب الحياة التي لم ترحمهم كما يفعل البرلمان الموقر بهم الذي لم ميز بصوره ظالمه و متعسفه بين من قضى عمره في الخدمه و بين من قضى اربعة اعوام فقط في السفر و السياحه و مزايا و مميزات السلطه ليعطي الاول بعض الدنانير و الاخير ملايين الدنانير دون خجل او حياء و لم يكتفي بذلك و حسب بل اجاز ان يتم اعتبار البعض منهم رموزا وطنيه لها مميزات اضافيه لا نعلم صراحه ما هي ! و ما الذي قدموه كي يحصلوا على مثل هذه الامتيازات؟ التي تجعلهم في مصاف الالهه و تجعل الشعب بالنسبه لهم مجرد عبيد لا يستحقون اكثر مما حصلوا عليه و هكذا ايها الساده نجد ان الشعب اصبح بين ضربات مطرقة الارهاب(القاعده و ما شاكلها) و عبودية سندان الحكومه التي اصبحت تمثل الوجه الاخر للارهاب.
مقالات اخرى للكاتب