العراق تايمز:
أثارت عمليات هدم آخر علامات ، مسجد عتبان بن مالك ، “بنات النجار” في المدينة المنورة التي نفذت أخيرًا إستياء الباحثين والمختصين الذين أكدوا أن ضم الموقع التاريخي لتوسيع الطريق العام، أخفى علامات المسجد القديم الذي صلى به النبي صلى الله عليه واله وسلم قبل أكثر من 1400 عام، وتمت إزالته تمامًا من دون إيضاح من الجهات المعنية ، فيما أكد باحثون ومهتمون بتاريخ المدينة المنورة أن ” التوسع العمراني والمشاريع الجديدة التي تنفذ من دون مراعاة للمواقع الهامة قضت على معالم حي قباء ومكوناته التراثية، ما يهدد بزوال منطقة قباء القديمة بالكامل في ظل غياب هيئة السياحة والآثار” .
وأضاف الباحث بتاريخ المدينة المنورة الدكتور ، تنيضب الفايدي، إنه” فوجئ بإزالة آخر العلامات الدالة لهذا المسجد التاريخي، وضُم الموقع ضمن توسعة الطرق في المنطقة، وذلك على الرغم من تواصل هيئة السياحة والآثار أخيرًا مع الباحثين في تأريخ المدينة المنورة، والعودة لكتب السيرة النبوية والتاريخ لجمع معلومات عنه، إلا أنه أزيل تمامًا من دون أن توضح الهيئة نتائج بحثها أو تصدر إيضاحًا حول ما توصلت له من نتائج وقرارات بشأن المسجد الأثاري” .
وأبدى “الفايدي” غضبه من عدم تنظيم محضر بإزالة المسجد يوضح السبب، مشيرًا إلى أنه ” تم مسح مسجد (بنات النجار) في ليلحق بقرية تراثية أزيلت معالمها، وكانت تقع مكان سوق (القمة) المول التجاري القائم حاليًا بحي قباء جوار مسجد الجمعة،”، مؤكدًا أن ” مركز القمة التجاري أقيم على منازل أثرية قديمة وهم قوم (عتبان بن مالك) الذين كانت مبانيهم قائمة إلى وقت قريب، وذلك في خطيئة ضد تراث المدينة” .
وطالب ” بإعادة تحديد المسجد حاليًا لأن المتأمل لموقعه الحالي والمشاريع التي تقام حوله يدرك أنه سيتم ضمه لتوسعة الطريق المجاور له وسيتم سفلتته كجزء من الطريق العام ليزول الموقع من الذاكرة تمامًا، مطالبًا بإعلان ما توصلت إليه اللجنة المشكلة وقرارها النهائي حياله” .
وتُظهر صُور نُشرت في الإنترنت والتقطت على الأرجح خلال العام الماضي تدعمها صور بالأقمار الصناعية قديمة وحديثة أن هذا المبنى الذي يعتقد الزوار أنه المسجد كان لا يزال قائمًا ببنائه المتهالك حتى وقت قريب، لكن المؤكد أن جزءًا منه اختفى بعد إنشاء مبنى سكني ملاصق له، كما أن ارتفاع الشارع الذي يمرّ به أدى إلى انخفاض الموقع عن مستوى الشارع وتكوّم النفايات في أركانه.
وتؤيّد مصادر تاريخية معاصرة ما ذهب إليه الباحث الدكتور تنيضب بن عواده الفايدي مدير تعليم المدينة المنورة سابقًا والمهتم بآثار المدينة، الذي أشار إلى أن أمانة المدينة المنورة أزالت المسجد عام ١٤١٧هـ، كما أزالت مواقع أثرية أخرى أكثر منه أهمية وكان الأجدر بها أن تحافظ عليها. وقال الفايدي إن مسجد عتبان بن مالك يقع الآن تحت الشارع الذي أنشئ بعد إزالة المسجد، مؤكدًا أنه وقف على المسجد قبل هدمه أكثر من مرة، وأنه هو المسجد الذي يُشير إليه المؤرخون أحيانًا بمسجد بنات النجار، ولم يكن سوى بناء قصير الجدران من الحجر المرصوص غير مسقوف وله مدخل ليس عليه باب.
ومسجد عتبان بن مالك هو من المواضع التي صلى بها الرسول صلى الله عليه واله وسلم، وهو بزاوية من منزل عتبان بن مالك رضي الله عنه.
وورد في صحيح البخاري عن محمود بن الربيع الأنصاري:
أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم: يا رسول الله إنها تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مصلى، فجاءه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال: ( أين تحب أن أصلي ؟ ) فأشار إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
ويقع المسجد شمال مسجد الجمعة، بالبرحة المقابلة له ويبعد عن مسجد الجمعة بحدود 60 م.