لا يمكن أن ننسى الجرائم سواء على المستوى المحلي أو العالمي، وكلٌ منهم نال جزائهُ، ولسنا ببعيدين عن الجرائم المرتكبة، في البوسنة أو الأرمن وغيرهم من الشعوب، وإن تفاوتت التواريخ، لكن بالأخير وبفضل المنظمات التي تنادي بحقوق الإنسان، نال المجرمون نصيبهم من العقوبة التي يستحقونها، وجريمة سبايكر لا تقل أهمية من تلك الجرائم فهل سنشهد من القضاء العراقي خطوة جريئة نحو الأمام في محاسبة كل المتورطين ؟
جريمة سبايكر ليست بحجم واقعة الدجيل، والأعداد تعادل آلاف المرات، مقارنة بما حصل في ثمانينات القرن الماضي، والإسلوب كان بمثابة جريمة بحق الإنسانية، وليست كما جرى سابقا أيام حكم البعث، وآلياتهُ تَخْتَلِفُ إختلافاُ جذرياً أيضاً، وكل شيء مختلف، لكن المحكمة لم تنصف أهالي وأبناء الضحايا، ولم نلمس أي إجراء قانوني من قبل القضاء، بتوجيه التهم للذين كانوا السبب في تلك الجريمة، بل هنالك تعاطف مع الإرهابيين !.
الأعداد التي تم إعلانها لم تكن حقيقية، ولم تعلن مدرسة القوة الجوية أعداد طلابها، الذين ذهبوا ضحية الإرهاب الأعمى، وباقي الوحدات المنسحبة من الموصل، إضافة لباقي القواطع لم يتم الإعلان عن الأعداد، الذين كانوا مع الطلاب أيضاً، والأعداد لطلاب القوة الجوية، كان الفين وثلاثمائة طالب! ولو أضفنا لهم الجنود والضباط المنسحبين، لفاقت الأعداد الأربعة آلآف! وهذا العدد ليس بالهين، لا على الحكومة ولا لأهالي الضحايا المغدورين .
المجرمين المتورطين الذين حكمتهم المحكمة، فقط أربعون إرهابياً، ومنذ يوم المحاكمة ولحد اليوم، لم يتم إنزال العقوبة التي يستحقونها! ولا أعرف بالضبط لماذا التعطيل في التنفيذ؟ وصرف الأموال على سلامتهم، ناهيك عن الغذاء وغيره من المستلزمات الضرورية للإنسان السوي، يتم تهيئتها لهم وهم لا يستحقون الحياة، فكيف يكون الإنصاف وهم لا زالوا أحياء! ولا نعرف المعطل في التنفيذ، ولم يتم إتهام أي جهة التي تقف حائلاً .
اليس من الإنصاف كشف الجهات المتورطة، في تلك الجريمة كائناً من كان، ومن هو الذي أعطى أوامر الإنسحاب، وترك المعدات العسكرية نهباً للإرهابيين ليحاربونا بها! وجعل القضية جريمة دولية، ليعرف العالم حجم المأساة، التي جرت في محافظة صلاح الدين ونينوى والأنبار، وتداعياتها التي أوصلت داعش لأسوار بغداد، لو لا الفتوى التي قصمت ظهر الإرهاب، من خلال الحشد الذي لبى النداء، ودافع عن العراق من شماله لجنوبه .
القادة العسكريون كان الأولى محاسبتهم قبل الإرهابيين، لانهم السبب الأول بحصول الجريمة، وإذا كانت المنطقة التي يتواجد بها طلاب القوة الجوية غير آمنة، فمن الذي أمر بإرسالهم لقاعدة سبايكر؟ اليس من الأجدر أن يكون تدريبهم في إحدى القواعد الجوية، المنتشرة في المناطق المؤمنة، في وسط وجنوب العراق! مع توفر أكثر من مكان ومكان، وما يشاع في الأوساط، أن إرسالهم الى سبايكر وتجنيدهم، كان الثمن أصواتهم الإنتخابية .
على المحكمة الإتحادية ومجلس القضاء الأعلى، إنصاف شهداء قاعدة سبايكر، من خلال محكمة علنية، ومحاسبة كل المتورطين في تلك الجريمة الشنعاء، التي يندى لها جبين الإنسانية، وفضح كل من ساهم بشكل وآخر فيها، ومحاسبتهم وفق القانون النافذ، كما تم محاكمة صدام وأعوانه على جريمة الدجيل، وما تبعها من قتل وتهجير وتجريف الأراضي، علماُ أن ضحايا سبايكر يفوقون ضحايا الدجيل بأعداد كثيرة، لا ترقى الى لغة الأرقام .
مقالات اخرى للكاتب