أربيل: رسخ معرض أربيل الدولي للكتاب، الذي تتواصل فعاليات دورته الثامنة في عاصمة إقليم كردستان حالياً، وجوده كحدث ثقافي وطني سنوي يترقبه المهتمون بالمعرفة من كل حدب وصوب، مثلما بات محطة جذب للناشرين الذين وجدوا فيه تأكيداً لتوق العراقيين التاريخي للقراءة وحبهم للكتاب، مكتسباً جزءاً كبيراً من "حيويته ونجاحه" من أجواء الحرية والانفتاح التي يعيشها الإقليم، وهو ما حوله إلى "قلب العراق النابض بالثقافة" فضلاً عما يشهده من نهضة وتقدم على الجبهات كافة.
فمنذ الثاني من نيسان 2013 الحالي، تتواصل فعاليات الدورة الثامنة لمعرض أربيل الدولي، الذي تنظمه مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، بالتعاون مع وزارة الثقافة في حكومة إقليم كردستان، على أرض المعارض الدولية في بارك سامي عبد الرحمن، وسط مدينة أربيل،(360 كم شمال بغداد)، وتتواصل فعالياته لغاية (الـ12 من نيسان الحالي).
وتأكيداً لأهمية المعرض من جانب، وتعبيراً عن اهتمام القيادة الكردستانية بالثقافة وحرصها على رعاية الآداب والفنون، جاء افتتاح المعرض، الذي تشارك فيه نحو 200 مؤسسة ثقافية، من قبل رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، وسط حضور جماهيري لافت بدأ منذ ساعات الصباح الأولى.
وبرغم التوسع الذي يشهده المعرض من سنة إلى سنة فإن طموحات الزوار ورغباتهم تطالب دائما بالمزيد، فمنهم من يدعو إلى إيلاء اهتمام أكبر بالمؤلفين العراقيين، ومنهم من يتمنى أن يشاهد المزيد من الفعاليات المساندة لعرض الكتب على غرار ما هو سائد في العديد من المعارض العالمية، لكنهم يتفقون جميعاً على أهمية المناسبة وتحقيقها أكثر من هدف ثقافي وسياسي بل وحتى اجتماعي تمثل بجمع شمل الأصدقاء والأقارب من داخل العراق وخارجه، وتشجيع الكثيرين على تكرار زيارة الإقليم أو التفكير جدياً للاستقرار فيه.
عارض سوري: العراقيون ما زالوا يحرصون على القراءة وكردستان أجمل مما يقال عنها
ويقول ممثل دار الفرقد السورية للنشر، ماهر ضعضي، إن "المعرض مثار اعجاب من حيث التنظيم والإقبال الجماهيري على شراء الكتب"، ويضيف "لمست فيه أن العراقيين ما يزالون يحرصون كثيراً على القراءة".
ويلفت ضعضي، إلى أن "المعرض ضم الكثير من الإصدارات الجديدة في مختلف مجالات المعرفة للصغار والكبار مما يعكس مدى اهتمام القائمين على المعرض"، ويبين بلهجة لا تخلو من نبرة الحزن، على ما يجري في بلده سوريا أن "كردستان أجمل كثيراً مما يقال عنها حتى أنني أفكر جدياً بإقناع زوجتي كي نأتي للعيش فيها هرباً من جحيم الوضع الحالي في سوريا".
عارض مصري: معرض ناجح بكل المقاييس
بدوره، يرى المستشار القانوني وممثل دار الكتب القانونية في مصر والإمارات، أسامة شتات، إن "المعرض ناجح من جميع النواحي سواء كانت التنظيمية أم انتقاء الدور المشاركة"، ويوضح أن هناك "لجنة قامت بفحص طلبات المشاركين وانتقت الدور التي ترتقي لحجم وموقع هذا المعرض الدولي المهم للكتاب".
ويضيف شتات، أن "الدار التي أمثلها تعرض الكثير من كتب القانون لعدد كبير من المؤلفين العراقيين المعروفين بهذا المجال".
مغتربة: احتضان كردستان للمعرض مبعث فخر للعراقيين كافة
وتقول الشاعرة الشعبية المغتربة في اليونان، شذى العويس، وهي من الذين يحرصون على حضور المعرض، "لأسباب ثقافية واجتماعية"، "خرجت من العراق مرغمة سنة 2005 بعد أن خطف ابني في بغداد"، وتبين لقد "عانيت وما أزال من مرارة الغربة والبعد عن الأهل والأصدقاء".
وتضيف العويس، أن "معرض أربيل الدولي أصبح متنفساً لنا وعزاءاً يعوضنا عن مشاق الغربة ومعاناتها إذ نأتي إلى أربيل سنوياً لرؤية الأهل والأقارب والأصدقاء لأننا تخشى الذهاب إلى بغداد خشية أعمال العنف وما يمكن أن نتعرض له من جرائها"، وتلفت إلى أن "احتضان كردستان لمعرض مهم كهذا مدعاة فخر لكل عراقي كما أن ما تحقق في أربيل والإقليم من تقدم وازدهار واستقرار يشكل مبعث فخر لنا جميعاً".
من جانبه، يرى زائر، أن "أجواء المعرض زاخرة بالأدب والفن والحكايات عن التجاذبات السياسية الحالية وتراجع الواقع الثقافي في العراق وإهمال المثقفين والفنانين وللأدباء لاسيما أولئك الذي قضوا جانباً كبيراً من حياتهم في المنافي بعيداً عن وطنهم مهد العلم والأدب".
زائر كردي: مطالبة بحيز أوسع للمؤلف المحلي
لكن بعض الزوار لم يكن راضياً تماماً عما وجده من معروضات، ويطالب بضرورة الاهتمام أكبر بالمؤلفين المحليين.
ويقول دلشاد بكر، الطالب في المرحلة الأولى بمعهد القضاء العالي في كردستان، متذمراً، "لم أجد ضالتي من المؤلفات العراقية في مجال القانون التي احتاجها في دراستي بالمعرض"، ويواصل كان "يفترض بالمنظمين عدم اغفال هذا الجانب المهم وتخصيص حيز أوسع للمؤلفين العراقيين".
ويؤيد بهنام صالح، ما ذكره زميله دلشاد، قائلاً إن "مؤلفين عراقيين كثر كتبوا في مجال القانون لكننا لا نجد أثراً لهم في المعرض على العكس من المؤلفين المصريين واللبنانيين وغيرهم"، ويدعو المنظمين إلى ضرورة "مراعاة هذا الجانب في الدورات المقبلة".
مسؤول: دعوات لتوسيع نطاق الفعاليات
ويلاحظ الزائر للمعرض، أنه لم يقتصر على الكتب فحسب، إذ ضمت جنباته العديد من الأعمال الفنية والمنتجات الجميلة من القبعات والحقائب الصغيرة التي أضفت جواً جميلاً تمنى كثيرون لو أخذ مديات أوسع لتشتمل فعاليات متنوعة على غرار ما هو حاصل في العالم.
ويقول المدير العام لدائرة التدريب الإعلامي، وعضو اللجنة العليا المشرفة على كل معارض الكتب في العراق، محسن عثمان، إن "مؤسسة المدى تولت ما نسبته 90 بالمئة من الجوانب التنظيمية والإدارية للمعرض في حين تولت وزارة الثقافة الكردستانية الباقي كشريكة في هذا الإنجاز".
ويبين عثمان، أن "إقامة المعرض في إقليم كردستان يشكل عملاً رائعاً يحسب لكل العراق"، ويستدرك أن الملفت للانتباه "غياب الكتب الدينية السلفية المتشددة في هذا العام وهذا أمر جيد".
ويضيف المدير العام لدائرة التدريب الإعلامي، أن "الأسعار هذا العام كانت جيدة والجميع رحب بها"، ويتابع "لكن بحسب تجربتي ومعرفتي بالمعارض التي تقام في البلاد الأوربية فهناك الكثير من الأفلام والندوات والحلقات الدراسية والجوائز المتنوعة التي تصاحب مثل هذه المعارض وهو ما يتفقد له معرض أربيل".
ويواصل عثمان، كما أن "معرض أربيل يفتقر لدليل يوضح خارطة العارضين والمطبوعات والفعاليات المصاحبة"، ويدعو المنظمين إلى "تجاوز ذلك في الدورات المقبلة".
نائبة: كردستان قلب العراق النابض بالثقافة
من جانبها، تقول النائبة المستقلة في البرلمان العراقي، صفية السهيل، إن "المعرض يؤكد للعالم أجمع أن العراق ما يزال يزخر بالعلم والمعرفة".
وتضيف السهيل، أن "أرض كردستان العراق رحبت بضيوفها من خلال هذا الكرنفال الكبير وأثبتت أنها قلب العراق النابض بالثقافة حالها في ذلك حال كل المدن العراقية الزاخرة بالعلماء والمفكرين"، وتبين أن "المعرض جاء حافلاً بالكثير من المشاركات العراقية في شتى مجالات المعرفة".
وبكل الأحوال فإن معرض أربيل الدولي للكتاب، يشكل مناسبة رسخت مكانتها في المشهد الثقافي العراقي وباتت محطة مهمة يترقبها الجميع.
المصدرalmadapress