في السبعينات اشترى صديقي داراً بعد أن استورث مبلغاً يكفيه لشراء بيت صغير له ولعائلته وبعد أن اكمل المبلغ المطلوب مع أساور زوجته وبناته، توكل على الله وامتلك داراً خاصة به ولكن المشكلة انه لم يستطع أن يسجل الدار باسمه لانه لا يملك احصاء عام 1957 وكانت الحكومة آنذاك قد أصدرت قراراً جائراً بعدم امكانية تسجيل أي دار سكنية الا لمن كان تعدادهم السكاني مسجلاً في بغداد لعام 1957، وبغض النظر عن طبيعة هذا القرار ومعطياته واسبابه أنذاك، فان صاحبنا بحث عن صديق له كان مسجلاً في احصاء العام المطلوب وتوكل على الله وسجل الدار بأسمه انطلاقاً من مبدأ الثقة بين الصديقين على أمل أن تزول المسببات لذلك القرار يوماً ما فيعيد تسجيل الدار من اسم صديقه الى اسمه، وهكذار سارت الامور.
ومرت شهور وسنوات دون أن يزول هذا القرار وظل ساري المعفول الى أن تم الغاؤه قبل عقد من السنوات تقريباً ولكن الذي حصل أن صديقه هذا قد توفي وأصبح الدار ملكاً لورثته ورغم أن ورثة الصديق لا يمانعون من تحويل الدار الى اسم صاحبه الشرعي صديق والدهم الا ان الامر تفاقم اكثر مما كان يتصور فقد طالبته الدوائر المعنية بمبالغ طائلة على أساس من أن العملية هي عملية بيع وشراء وهو لا يستطيع بأي حال من الاحوال أن يجمع مبلغاً بعشرات الملايين لكي يسجل الدار التي هي داره باسمه، فوقع الرجل مغلوباً على أمره، فهو من جهة يخشى من تفاقم الامور خاصة وأن اثنين من ابناء صديقه واللذين أصبحنا من الوارثين لداره قد هاجرا خارج العراق ولا يعرف لهم عنواناً ولا مكاناً، واستمرت معاناته وهو المغلوب على أمره، فلم يعد بامكانه أن يجمع ضريبة الشراء المفروضة عليه ولم يعد يستطيع الحصول على اقرار من الورثة بأن الدار دراره وانهم على استعداد للتنازل عن ملكيتهم له. وسوف يظل الامر، هكذا، معلقاً الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً!
مقالات اخرى للكاتب