كركوك/ دعا راعي أبرشية السريان الأرثوذكس في الموصل وكردستان، الجمعة، الساسة العراقيين إلى التفاهم وترسيخ السلام عبر لغة الحوار بين مكونات الشعب العراقي، داعيا مسيحيي كركوك للبقاء بالمحافظة وتقديم الدعم لأخوانهم، فيما كشف نائب مسيحي عن تشكيل لجنة حكومية تعمل على تحديد واقع المسيحيين وحجم هجرتهم خارج العراق.
وقال راعي الأبرشيه المطران مار نيقو ديموس داؤد متي "لأول مرة بعد تنصيبي راعياً لأبرشية الموصل ومدن كردستان، أزور محافظة كركوك وأقيم فيها تجمعا كبيرا وقداسا في كنيسة مار إفرام، بحضور شخصيات من جميع مكونات المحافظة، فضلا عن ممثلين للنخب الاجتماعية وعشرات العوائل المسيحية في كركوك".
وأضاف متي أن "زيارتي تأتي لمتابعة أحوال المسيحيين الذين لم يغادروا كركوك"، داعيا إياهم إلى "البقاء بالمحافظة والاطمئنان بها، وتقديمهم الدعم لإخوانهم وتعاونهم وتفاهمهم معهم".
وأضاف متي "نحن أبناء هذه الأرض وهذا الوطن، وعلينا البقاء والتفاعل والبناء، فالمؤمن الصالح هو المواطن الصالح، وهدفنا دعم المحبة والتعايش السلمي بين مكونات الشعب العراقي وأهالي كركوك"، مطالبا السياسيين والقادة بـ"العمل من أجل الاستقرار والسلام، فالعراق بأمس الحاجة للتفاهم والوعي والمحبة والسلام وتغليب لغة الحوار، وترسيخ مبادئ العيش المشترك وتقبل الآخر".
وأضاف متي أن "السياسيين لديهم رسالة سيسألون عنها عند الله"، حسب قوله.
من جانبه قال عضو البرلمان العراقي عن المكون المسيحي عماد يوحنا إن "هنالك اليوم تطورا أمنيا في العراق، وهذا ينعكس على حياة ووجود المسيحيين"، معتبرا أن زيارة المطران اليوم لكركوك ولقائه مع أبناء المحافظة جاء لـ"تعزيز السلام والعيش والتفاهم بين أهالي ومكونات كركوك، لأنها مدينة تشهد أعمال عنف بين فترة وأخرى تستهدف جميع مكوناتها".
واعتبر يوحنا أن هجرة المسيحيين تعد "مرضا خطيرا، لم تتسبب به الأوضاع الأمنية فحسب، بل الخلافات والصراعات السياسية والأوضاع الاقتصادية"، داعيا الحكومة والبرلمان وكل الأحزاب لـ"وضع حلول لإيقافها".
وكشف يوحنا أن "رئيس الوزراء نوري المالكي شكل لجنه عليا برئاسة وزير البيئة سركون لازار، لدراسة ومعرفه واقع المسيحيين وحياتهم بالعراق ومعاناتهم، كما وضعنا دراسة للعمل على إعادة المهجرين إلى مواطنهم ومواقعهم سواء كانوا داخل وخارج العراق".
من جانبها، قالت إحدى المشاركات في القداس وتدعى ريتا كوركيس، إن "المسيحيين ما زالوا يشعرون بالخوف والقلق على مصيرهم بسبب الاعتداءات المتكررة، ونحن نخشى من ازدياد هجرة المسيحيين إلى خارج العراق، كما أن المتبقين منهم متخوفون على مصيرهم".
واعتبرت كوركيس أن "الهجرة سببها عدم وجود استقرار أمني، وتكرار الاعتداءات على المكونات الصغيرة، ما ولد حالة خوف من قلة أعدادهم فضلا عن زيادة عددهم خارج العراق".
واتهم رئيس أساقفة مطرانية محافظة كركوك لويس ساكا، بداية العام الحالي 2012 أطرافاً عراقية وبالتعاون مع أخرى خارجية مسؤولية استهداف المسيحيين العراقيين، محذرا من خطة لإفراغ المنطقة ومن ضمنها العراق من المسيحيين"، فيما أشار إلى أن "الحكومة العراقية عاجزة عن توفير الحماية اللازمة للمسيحيين".
يشار إلى أن المسيحيين في العراق يتعرضون إلى أعمال عنف منذ عام 2003 في بغداد والموصل وكركوك والبصرة، من بينها حادثة خطف وقتل المطران الكلداني الكاثوليكي بولس فرج رحو في شهر آذار من العام 2008، وانتهاء بتفجير بيوت مواطنين مسيحيين في بغداد في الثلاثين من كانون الأول المنصرم وكان اعنف تلك الهجمات حادثة كنيسة سيدة النجاة في العاصمة بغداد حيث احتجز مسلحون مجهولون، في الحادي والثلاثين من شهر تشرين الأول الماضي، عشرات الرهائن من المصلين الذين كانوا يقيمون قداس الأحد، وأسفر الاعتداء عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 125 شخصاً، فيما تبنى الهجوم تنظيم ما يعرف بـ"دولة العراق الإسلامية" التابع لتنظيم القاعدة، مهدداً باستهداف المسيحيين في العراق مؤسسات وأفراد.
وكان المسيحيون يشكلون نسبة 3.1 بالمائة من السكان في العراق وفق إحصاء أجري عام 1947، وبلغ عددهم في الثمانينيات بين مليون ومليوني نسمة، وانخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة خلال فترة التسعينيات وما أعقبها من حروب وأوضاع اقتصادية وسياسية متردية، كما هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى الخارج بعد عام 2003.