عرف العراق منذ القدم ببلد المتناقضات، فهو البلد الوحيد الذي يمكن ان يصبح فيه الصعلوك أميرا، والأمير ذليلا،وفيه تنتشر الشائعات أسرع من الحقائق، والباحث عن الحقيقة كالراكض وراء السراب.
تابعنا وبشغف قبيل الانتخابات المسلسل المدبلج الطويل لساحات الاعتصام بالرمادي، وكان الموضوع قد بدأ بمطالب مشروعة لرفع مظالم حقيقية، لا تخص اهل المذهب السني وحده بل عموم الشعب العراقي، وكانت المطالب سهلة وقابل للحل، إلا أنه ولسبب مجهول تأخر الرد على هذه المطالب، الى أن ظهرت شخصيات أستلمت زعامة ساحات الاعتصام، وأضافت للمطالب مطالب تعجيزية لا يقرها الشرع أو الدستور.
وأبرز هذه الشخصيات هو أحمد أبو ريشة، وأبن أخيه خميس ابو ريشة، وعلي حاتم السلمان، وخميس خنجر، وسعيد اللافي وغيرهم من الضبعان، ومن ثم أنظم اليهم كبش المحرقة العلواني.
وبعد فترة تحولت ساحات الاعتصام إلى مقرات ارهاب حسب زعم قناة العراقية، وأتهم زعمائها بعدة تهم تخص الارهاب، وذلك على ضوء تصريحاتهم وتلويحهم بالسلاح، وقامت قيادة عمليات الانبار بتخصيص مبلغ 100 مليون دينار لكل من يلقي القبض على المتهمين بقتل الجنود الخمسة قرب ساحة الاعتصام في الرمادي، وهم سعيد محمود اللافي، وقصي صالح عبد زين الجنابي، و خميس ابو ريشة.
ما يدعو للحيرة والاستغراب هو ما حدث لاحقا، فبعد دخول الجيش للانبار بهدف رئيسي هو فض الاعتصامات، والقاء القبض على من تورط من زعمائها بقضايا جنائية، توالت المفاجئات وكان اهمها أن زعماء ساحات الاعتصام يقاتلون مع الجيش ضد الارهاب، كقادة في الميدان!
بدأ الموضوع مع أحمد ابو ريشة الذي نظم صحوات جديدة لمساندة الجيش، ثم خميس أبو ريشة الذي ظهر مرتديا الزي العسكري مع ضباط الجيش العراقي، ولم يعتقل منهم الا العلواني، وهو رغم تصريحاته الطائفية الا أنه كان اقل تهجما منهم، ولم يثبت تورطه بعمليات ارهابية ضد الجيش أو المواطنين.
والطامة الكبرى خبر عن استشهاد قائد صحوات مدينة الرمادي "خميس ابو ريشة" مع عدد من قادة الجيش والشرطة بعد استهداف موكبهم من قبل القاعدة!
فهل من يفتينا ، ان كان هو الشهيد، فأبنائنا الذين قتلوا من قبله في ساحة الاعتصام كانوا ماذا،حطب محرقة؟
طبعا هنالك رد جاهز من قبل البعض "أنها سياسة يا هذا الا تفهم؟" نعم لا أفهم، كيف وصلت السياسة بالعراق الى مستوى الدعارة .
مقالات اخرى للكاتب