عندما نلقي نظرة على أوضاع أوربا في عصورها الحديثة وتحديداً بداياتها نلاحظ أن دولها كانت الواحدة تريد التهام الأخرى وبكل الوسائل المتاحة ، فالغاية كانت تبرر الوسيلة كما يقول نيقولا ميكا فللي .
وبعد إن برزت منطقة الشرق كمنطقة حيوية بكل محاورها وبالتحديد الوطن العربي عندها سيرت تلك الدول جيوشها للاحتلال والسيطرة على أغنى المناطق وفي مقدمة تلك الدول البرتغال واسبانيا وهولندا وبريطانيا وفرنسا ، وبمرور الوقت شعرت تلك الدول أن أساليب الحرب وتهيئة الجيوش تكلف أكثر مما تنتج ومن هذه النقطة فكر الأوربيين بوسيلة يستطيعوا من خلالها مد جسور متينة مع مناطق العرب الغنية ولكنهم لم يتوصلوا إلى أي نتيجة في بحثهم.
وبعد إن قامت الثورة الصناعية في القرن 18 والبداية كانت في انكلترا ازدهرت أوضاعها السياسية والعسكرية والاقتصادية نتيجة المخترعات واستعمال الآلة بشكل مكثف وخلال كل هذه الأحداث كان اليهود لهم انتشار واسع في انكلترا وعموم دول أوربا وكانت نسبة كبيرة منهم أصحاب أموال وثروات فاحشة الثراء لذلك بدئوا باستثمار أموالهم في المشاريع الصناعية والخدمية وأحياناً كانوا يقرضون الحكومة أموال في أوقات أزماتها الاقتصادية مثلما فعل الثري اليهودي روتشيلد عندما اقرض رئيس الوزراء البريطاني دزرائيلي أموالا لشراء أسهم في قناة السويس .
وبعد أن شعر اليهود بأهميتهم وتأثيرهم في الاقتصاد تجاوز تأثيرهم ونفوذهم إلى السياسة وبدئوا يبرزون كأطراف أساسية في بناء القرار السياسي وخلال كل هذا بدأ المفكرين اليهود يشعرون انه لابد لدول أوربا أن ترد لهم الجميل فكل ما كانوا يطمحون أليه هي ارض تجمع شتاتهم .
وهنا وجدت بريطانيا وأعوانها الوسيلة التي كانوا يبحثون عنها لمد جسورهم مع الشرق ، وبذلك نلاحظ أن الطموح اليهودي قد تلاقى مع مصلحة الدول الامبريالية التي بدأت تعد العدة لهذا الأمر .
ولان فلسطين هي الأرض المقدسة بالنسبة لليهود وارض سليمان وهيكله المقدس فقد تم اختيار فلسطين لنقل كل يهود العالم اليها وبهذا فان زرع اليهود في قلب الأرض العربية سيخلف مشاكل للمنطقة مما يجعل اوظاع المنطقة بالكامل في اضطراب مستمر .
أي انه بكل بساطة استغلت القوى الامبريالية بزعامة بريطانيا قضية اليهود وارتباطهم الروحي بأرض فلسطين فعملوا على خلق كيان متعصب منهم سمي الكيان الصهيوني نسبة إلى جبل صهيون في القدس .
وكذلك أرادت الامبريالية من قيام دولة إسرائيل أن تقوم بمهمة الحفاظ على توازن القوى في المنطقة العربية والعمل على مجابهة أية قوة عربية قد تبرز للوجود .
والملاحظ اليوم على عدد كبير من الدول التي لم تقدم مساعدات عسكرية فإنها لم تسكت بل قدمت من الدعم المعنوي واللوجستي ما يكفي ويزيد .
ولان دولة إسرائيل ستقوم بدور الشرطي لحراسة مصالح تلك الدول فقد اهتمت تلك الدول بتزويد إسرائيل بكل ما تحتاجه من الأسلحة وإسناد القرارات التي تصدرها ورفض أي قرار ضدها وتزويدها بالمعلومات الاستخباراتية .
ونحن رأينا هذا الأمر فعلياً في حروبنا مع دولة إسرائيل فكل المعارك كان العرب هم الأكثر عدداً بل ليس هناك مجال للمقارنة بجيش إسرائيل الصغير الذي يتكون معظم مجنديه من المراهقين والمراهقات ولكن الفرق أن جيش إسرائيل يعتمد على الأساليب العلمية في التقنية والتنظيم .
ومن خلال كل ما تقدم نتوصل الى :-
أن بريطانيا هي المسؤولية عن خلق إسرائيل .
أن اليهود الذين يعيشون اليوم في إسرائيل هم ضحايا أفكار الاستعمار الغربي .
يجب على العالم عموماً والعرب خصوصاً أن لا يحملوا اليهود فقط مسؤولية استعمار فلسطين لان من حق اليهود أن يعيشوا في أرضها ولكن استعمارها بالشكل الذي يتم اليوم مرفوض جملة وتفصيلاً .
