لم يتوقع متظاهري ساحة التحرير في قلب العاصمة بعداد ان تتعامل معهم الاجهزة الامنية التابعة لرئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بهذه القسوة والغلظة والبطش لانهم كانوا يعتقدون ان بغداد تعيش الحالة الديمقراطية.. ومن أبجديات هذه الديمقراطية حق التظاهر الذي كفله الدستور كما انهم "اي متظاهري بغداد" غرتهم اجواء التظاهر في الناصرية والبصرة التي كانت شفافة وطبيعية على ما يبدوا وكانت القوات الأمنية تحافظ على المتظاهرين بعكس ما حدث في ساحة التحرير وقد غاب عنهم ان التظاهر في بغداد خط احمر لان التظاهر في المحافظات لا يهدد كرسي الحكم بصورة مباشرة اما في بغداد فالتظاهر تهديد مباشر للمالكي ولكرسيه وان الديمقراطية وحق التظاهر السلمي كلمات مبهمة يمكن تفسيرها بالف لغة ولغة اذا ما وصل الامر الى العظم. واستمرار التظاهر في محافظات البصرة والناصرية والتحاق العاصمة بغداد جاء على خلفية تدهور الوضع الامني في بغداد وهذه المحافظات والذي تسبب بخسائر فادحة في ارواح العراقيين وصلت الى اكثر من الف شهد والفين جريح في شهر واحد وهو شهر تموز والذي عد من اكثر الاشهر دموية على مدار خمس سنوات مضت اضافة الى ما شهده البلد من انتكاسة مدوية في الملف الامني اعتبرت الاسوء وهي الهروب الجماعي لقادة تنظيم القاعدة وعتاة المجرمين من سجني ابي غريب ،كما ان التظاهرات جاءت على خلفية استمرار تردي الوضع الخدمي والصحي وانعدام الكهرباء في وقت احوج ما يكون فيه الناس الى الكهرباء وهم في موسم الصيام والحر معا. والتظاهر علامة صحيحة ومطلوبة في حراك الشارع العراقي للحصول على حقوقه المسلوبة والمغيبة رغم وفرة الاموال وضياعها بسبب الفساد والفاسدين ..كما ان التظاهر يمثلا ردا مباشرا على جميع الذين يتهمون الشعب العراقي بالانبطاح والبلادة وعدم الشعور بالمسؤولية ويعتبرونه شعبا خاملا ولا يرقى الى شعوب المنطقة وكما هو الحال بالنسبة للشعب المصري الذي نجح في تغيير حكومته مرتين وفي غضون سنتين. ان ما شهدته محافظات البصرة والناصرية من مطالبات بتوفير الامن والخدمات قد جاء باكله وثماره عندما توجه وزير الكهرباء الى هذه المحافظات وتعهد بتوفير الطاقة الكهربائية خلال ايام وهذا يمثل انتصارا لارادة المواطن اما في بغداد فالملف معقد وشائك ولا يمكن حل جميع نقاط الخلاف بتظاهرة شارك فيها العشرات او المئات لان بغداد تحتاج الى تظاهرة تزلزل اركان المنطقة الخضراء وتعيد الوعي الى الماسكين بملف الامن والخدمات حتى تنجح في مهمتها وتحصل على نتائج مرجوة وحقيقية. ان تظاهرة ساحة التحرير ستكون الشرارة التي تنطلق منها براكين الغضب التي ستزلزل اركان المنطقة الخضراء اذا لم تسارع الحكومة الى وقف اخفاقاتها وتسارع في حماية العراقيين وتقديم الخدمات المطلوبة لهم.
مقالات اخرى للكاتب