Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
لماذا تتواطىء المنظمات الدولية... ضدّ الشعب البحريني...؟!
الخميس, أيلول 5, 2013
مصطفى قطبي


تشهد الكثير من دول العالم ومجموعاتها الدولية الإقليمية والعالمية وجود العديد من المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان، بالترافق مع وجود عدد من المنظمات المطالبة بحقوق الحيوان، وكثيرون سعوا وما زالوا يسعون لتشكيل منظمات أخرى في عدد من البلدان. ولكن الملاحظ أن هذه الجهود منصبة لتحقيق ذلك في البلدان النامية، أو ما يسمى ببلدان العالم الثالث، وتحديداً في البلدان ذات النهج التحرري المعادي للصهيونية والإمبريالية، وفي طليعتها الدول العربية المناهضة للمشروع الصهيوني والغطرسة الأمريكية والأوروبية.

والغريب في الأمر أن معظم الساعين لذلك يستندون في تأييد مسعاهم بما تقدمه لهم دول الغطرسة من دعم، وبتشجيع وتأييد من حكومات هذه الدول التي تشهد بلدانها العديد من حالات انتهاك حقوق الإنسان. فلا جدال في مشروعية وجود منظمات حقوق الإنسان عند ممارسة دورها بموضوعية، ولكن السؤال الذي من الجائز طرحه: أين منظمات حقوق الإنسان من واجباته، فهل غفلت هذه المنظمات أم تغافلت عن مدى الارتباط التبادلي بين الحق والواجب وأن المطالبة بالحق تقتضي القيام بالواجب، وأن من لم يقم بواجبه لا يمتلك مشروعية المطالبة بحقه، وهل تغافلت عن أنه ليس من حق أحد المطالبة بحقوق الغير ما لم يحمل وكالة قانونية تخوله ذلك، وإن كان من حق الإنسان التظاهر للتعبير عن رأيه.

أليس من الضروري أن يكون هذا الأمر محكوماً بتشريعات تنظمّه؟ ولماذا تعمل الدول الغربية الكبرى على تقييد حرية التظاهر في بلدانها وفقاً لما تنص عليه تشريعاتها ولا ترى وجوب تحقق ذلك في بلدان أخرى؟

ما يميز الانتفاضة الجماهيرية المستمرة في البحرين عما جرى في بلدان عربية أخرى، أن ما يسمى بـ ''ثورات الربيع العربي'' تلقت دعماً لا محدوداً من أطراف إقليمية ودولية، فكانت الثمرة سريعة النضج وكبيرة الحجم، بينما البحرين تلقت تآمراً لا محدود من نفس الأطراف الإقليمية والدولية لإخمادها وإسكات صوت المعارضة المنطلق من حناجر غالبية الشعب في البحرين والمطالب بتغيير جذري، وتشكيل نظام سياسي قائم على التعددية السياسية واحترام الرأي، والمشاركة الجماهيرية في صنع القرار.‏

الماكينة الإعلامية الغربية والعربية لا تجرؤ على خرق الصمت المطبق، عندما تتحدث عن الأوضاع في البحرين بالإشارة إلى مجرد مواجهات طائفية بين البحرينيين، ولكن تلك الأحداث التي تشهدها هذه الجزيرة في جوهرها لا تمت بأي صلة إلى احتجاجات مذهبية أو دينية. فمنذ أكثر من عامين ونيّف ارتبطت المطالب الرئيسية للمتظاهرين بحقهم في توفير فرص عمل ومحاربة الفقر وجوانب اجتماعية أخرى. والشعارات التي كانوا يرفعونها منذ انطلاقتها كانت ولا تزال علمانية وسلمية بحتة. إلا أن رد السلطات البحرينية على تلك الحركة الاحتجاجية كان بالقمع الوحشي.

فالقلة القليلة من الناس سمعت عن المظاهرات في البحرين، ولا يمكن أن يبرر صغر حجم هذا البلد هذا الصمت إزاء ما يجري فيه. ولكن في عالمنا الحديث الكل حفظ المبدأ السائد المعروف: ''الأمر الذي لا تظهره وسائل الإعلام لا وجود له''. وتلك الوسائل الإعلامية نفسها التي تزكي وتضخّم ما يجري في سورية، تعتمد على العكس من ذلك الصمت غير المبرر عندما يتعلق الأمر بوضع حلفاء الولايات المتحدة، ومنهم النظام الملكي في السعودية والبحرين.

وضمن هذا الإطار، سوف يبقى يوم 14 شباط من العام المنصرم محفوراً في ذاكرة البحرينيين، بوصفه اليوم الذي شهد غزو القوات السعودية (درع الجزيرة) للبحرين عبر جسر الملك فهد الذي يربط بين البلدين، من أجل مساعدة السلطات البحرينية على سحق حركة الاحتجاجات. وقد استخدمت قوات الأمن البحرينية ضد المحتجين القذائف الحية والغاز المسيل للدموع. وبحسب ناشطين متواجدين على الأرض، وصل حجم الوحشية التي تعاملت فيها القوى الأمنية البحرينية إلى منع الجرحى من الوصول إلى المستشفيات للعلاج. وبسبب الصمت الإعلامي من الصعب للغاية معرفة ما يجري في هذه الجزيرة.

إننا أمام جريمة تتغطى زيفاً بإسم اتفاقية (درع الجزيرة) وهى اتفاقية نصوصها صريحة تماماً ولكن آل حمد وآل سعود وكذا آل صهيون (لا فرق) ينزعونها من سياقها الذى يقصر التدخل الخليجى على وجود عدوان خارجى، فأين هو هذا العدوان في مملكة البحرين؟ هل مظاهرات الشعب البحرينى المليونية (يعنى كل الشعب تقريباً كان في مظاهرات ميدان اللؤلؤة الذي أزاله ملك البحرين)! هل هذه المظاهرات هي (التهديد الأجنبي) حتى يسوغ آل سعود لأنفسهم جريمة الاحتلال والاغتصاب للحركات وللأرض وللوطن البحرينى؟!

 

يبدو من الوقائع على الأرض، أن الأمر من ألفه إلى يائه مجرد لعبة أمريكية ـ سعودية لإعادة تفكيك المنطقة لصالح إسرائيل؟! أسئلة لن تجد من يجيب عليها للأسف!

يعتبر المحلل السياسي ''بيبي أسكوبار''، أن الصمت العربي والدولي على ما يجري في البحرين، جاء ثمرة إبرام اتفاق شفهي جرى بين آل سعود وواشنطن، ينص على التالي: ''يمكنكم غزو البحرين ومقابله يتم السماح بتقديم قرار عربي يقضي بالسماح للأمم المتحدة بتفويض حلف الناتو لقصف ليبيا بإسم الإنسانية''. وقد أكد مصدران من داخل الأمم المتحدة هذا الاتفاق في موقع آسيا تايمز أون لاين. ويؤكد المصدر أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ''هيلاري كلينتون'' هي التي أعطت الضوء الأخضر لغزو البحرين عبر قوات درع الجزيرة. وهذا مثال آخر على سياسة الكيل بمكيالين التي تسير وفقها الولايات المتحدة المرتكز على أساس ''أفعل ما أقول لا ما أقوم به''.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذه الدولة الصغيرة الحجم المتصلة بالسعودية مهمة جداً بالنسبة لواشنطن؟

لقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002 هذه المملكة الصغيرة (حليف مهم لها غير عضو في الناتو) وفي شهر آذار من عام 2008 كانت البحرين في ظل حكم آل خليفة الدولة العربية الأولى التي أجرت مناورات عسكرية بحرية مشتركة مع الولايات المتحدة. وليس من فراغ اتخاذ الأسطول الخامس الامريكي البحرين مركزاً له، لأن البحرين ستكون المركز الرئيسي لأي عمل عسكري أمريكي في المستقبل تقوم في منطقة الخليج. ولنذكر أن البحرين وافقت على تقديم مساعدات لوجستية في الحرب الأمريكية ضد العراق، بوصفها قاعدة عسكرية، كما وأنها ساندت المهمات العسكرية في أفغانستان.

وفي اعتقادي الشخصي، أن الأكثر إزعاجاً في تقارير المنظمات الدولية ليس المعلومات الكاذبة المستفزة، ولكن المعلومات التي لم تحتويها بياناتها وتقاريرها وصورها البيانية، مثل صفقة أسلحة بستين مليار دولار أمريكي وقعتها الولايات المتحدة مع السعودية ذات السمعة السيئة في انتهاك حقوق الإنسان، وهي الصفقة الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة. والمليارات نلو المليارات التي ترسل إلى الحكومة الإسرائيلية للاحتفاظ بوضعها في المنطقة كدولة مولعة بالقتال، وكذلك للسيطرة على معسكر اعتقال أمة يطلق عليها إسم فلسطين.

إن ما يجري من انتهاك لحقوق الإنسان ضد المواطنين في البحرين بوجه عام والشيعة بوجه خاص، وما يجري على الأرض من اعتقالات وتضييق على الحريات بشكل مستمر يشكل انتهاكاً صارخاً لجميع المواثيق والعهود الدولية، ينظر إليه بعين القلق، حيث تشكل تلك التصرفات القمعية ضد المواطنين الشيعة استفزازاً لهم من أجل دفعهم نحو العنف كي تتم ملاحقتهم وتصفيتهم، كما إن ذريعة ''مكافحة الإرهاب'' هي الأخرى باتت إحدى الوسائل التي تستخدمها السلطات البحرينية للتضييق على المواطنين الشيعة وممارسة الإجراءات الأمنية التعسفية ضدهم.

إن مستوى حقوق الإنسان في البحرين لا يزال موضع انتقاد من قبل كثير من المنظمات الحقوقية الدولية وعلى رأسها منظمة ''هيومن رايتس ووتش'' التي ذكرت في التقرير العالمي للعام 2013 أن مملكة البحرين شهدت عام 2012 قيام السلطات بحبس مدافعين عن حقوق الإنسان بسبب مشاركتهم في تظاهرات سلمية وانتقادهم المسؤولين، ونزعت الجنسية تعسفاً عن العشرات من نشطاء المعارضة، وتكرر استخدامها القوة المفرطة في قمع التظاهرات السلمية، وأيضاً التظاهرات التي شهدت إلقاء المتظاهرين الحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة، كما وضعت الحكومة على الرف التوصيات الأساسية الصادرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 عن لجنة مستقلة، وهي التوصيات الهادفة إلى التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، كما انتقدت ما وصفته فرض الحكومة قيوداً جديدة على حرية تكوين الجمعيات وأحكام الإدانة وعقوبات السجن المطولة بحق 13 من المعارضين البارزين. بدورها انتقدت منظمة العفو الدولية الوضع المتردي لحقوق الإنسان ووصفت ما يحصل في البحرين بأنه أشبه بمسرحية هزلية.

والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة: لماذا سكتت المنظمات الدولية، ولماذا جاء ردّ بعضها باهتاً وماسخاً، ولماذا لم تعرض قضية هذا الشعب وقمعه أمام مجلس الأمن الدولي؟ ولماذا لم ترسل الجامعة العربية لجنة مراقبين إليها...؟

لقد خيبت المنظمات الدولية آمال معظم شعوب العالم لابتعادها عن غاياتها التي أنشئت من أجلها، بسبب تسييس عملها بشكل صارخ، ولازدواجية المعايير التي تتبعها في التعامل مع القضايا العالمية، ففي قاعات هذه المنظمات الفارهة تابَع العالم التنظير بالمبادىء وحقوق الإنسان والعدالة من قبل الأعضاء، ولا سيّما الكبار، وعند التصويت كانت المصالح هي التي تحضر فقط، ويضرب بالمبادىء عرض الحائط، بذريعة أن السياسة هي فن الممكن!

وفشل المنظمات الدولية في عملها يعود أيضاً إلى هيمنة وتسلط الدول الغربية عليها من خلال الضغط على الدول الصغيرة لتصوت عكس قناعاتها، ولقد أثبتت التجربة والوقائع عجز المنظمات الدولية عن حلّ المشكلات الدولية، وعدم استطاعتها منع الحروب المدمّرة، التي كلفت البشرية عشرات الملايين من الضحايا والكوارث والمآسي (الحرب العالمية الأولى والثانية وحرب الخليج وأفغانستان والثورات الملونة والربيع العربي المزعوم)!

تمثيلية حقوق الإنسان التي يؤديها الغرب من ذوي الدم الأزرق ودسّاسي اللوبي الصهيوني في أمريكا والغرب الأوروبي، إنما تدار في رهان على عنصر اللاشعور السياسي الذي ولّد معارضة جدلية ذات عقل سياسي مؤسس على التمذهب، والذي لا يزال ولو في حدّه الأدنى مطلوباً اللعب به وشدّ عصبيّاته من أجل تفتيت البلدان، وأهم أغراضه فرض بربرية استعمارية جديدة على الفكر الحر الذي يقاوم الأطماع والغزوات الاستعمارية الجديدة. ومن جلابات الحظ الكلاسيكية التي يعتمد عليها الغرب في إيجاد الذرائع، تلفيقات لا يخدع بها حتى السذج، مثل حالة المذبة التي اتخذت ذريعة لاحتلال بلد عربي في شمال إفريقيا قبل أكثر من مائة عام، أو مثل حادثة دنشواي في مصر للقضاء على انتفاضة الريف المصري.

أما في أيامنا فتستخدم المنظمات الإقليمية والدولية كأدوات في فرض عقوبات، وثمة أنشوطة المنظمات المتباكية على حقوق الإنسان مثل منظمة أفاز وهيومن رايت ووتش وغيرها، التي تلفق التقارير وهي معروفة في مصادر تمويلها، كي تيسّر التدخل الاستعماري، وهي تغمض عيونها أو لا حول لها ولا قوة عندما يكون هناك انتهاك واضح لحقوق الإنسان يُرتكب بأيدي مشغليها ولو كان ينفذ خلال عشرات العقود كما يجري في فلسطين على يد إسرائيل، أو على مدى أكثر من 9 سنوات كما في العراق الذي دمرته أمريكا وعاثت فيه قتلاً وفساداً، أو في ليبيا التي أعيدت ساعة الزمن فيها إلى الحقبة الفاشية.

فالولايات المتحدة شاركت في إنشاء عدة مؤسسات دولية وعدة منظمات غير حكومية لكي تعمل على ترسيخ فكرة حقوق الإنسان، ليس كغاية بحد ذاتها، بل كوسيلة تستخدم عند الحاجة لتفكيك المجتمعات والدول التي لا تسير في فلك سياستها، أو بالأحرى في المجتمعات والدول التي تناهض السياسة الأمريكية، بحيث تصبح هذه الدول والمجتمعات تعيش حالة من التناحر والتناقض والتضاد بما يشلّ قدرات الدولة ويحول دون نهوضها وتقدمها.

وهكذا نجد أن هيئات  تابعة للأمم المتحدة مثل مجلس حقوق الإنسان، تستغلها القوى الكبرى كأدوات فاعلة في مجتمعات العالم الثالث ودوله، بينما لا تأثير لها البتة في أمريكا، أو الدول الأوروبية، لأنها ترفض رفضاً قاطعاً أن تتدخل أية هيئة دولية أو غير دولية في شؤونها الداخلية.

هذا وتساعد بعض المؤسسات الخاصة مثل ''فورد'' و ''روكفلر'' على حماية المصالح الأمريكية، وإن تمت تغطية ذلك تحت شعارات السلام العالمي والتنمية والقيم الديمقراطية والمصالح الدولية، وحماية حقوق الإنسان وغير ذلك من الشعارات البراقة التي يكمن وراءها ما يكمن، وعلى سبيل المثال تصل الأصول المالية لمؤسسة ''فورد'' إلى 14 مليار دولار أمريكي، يصرف منها نحو 350 مليون دولار كل عام، بينما تبلغ الأصول المالية لمؤسسة ''روكفلر'' نحو3 مليارات دولار يوزع منها 137 مليوناً في العام، هذا مع العلم بأن المركز الرئيسي لهاتين المؤسستين العملاقتين هو مدينة نيويورك. وقد بدأت مؤسسة روكفلر نشاطها عام 1930 عن طريق دفع الأموال الطائلة للمفكرين والعلماء والمثقفين اليهود الألمان لنقلهم من ألمانيا إلى جامعات ومراكز أبحاث الولايات المتحدة الأمريكية، هذا وتتسلم إدارة هذه المؤسسة حالياً سيدة يهودية.

والجدير بالذكر أن مؤسسة ''روكفلر'' هذه تقدم الهبات المالية لدعم المؤسسات الأمريكية التالية: لجنة العلاقات الخارجية الأمريكية، مؤسسة ''كارنيجي'' للدراسات والأبحاث، البنك الدولي، مؤسسة ''بروكينغز'' للأبحاث، الجامعات الأمريكية البارزة مثل جامعة ''هارفرد''، مركز العلاقات العامة في لندن. هذا وما التشديد أو التركيز على إنشاء منظمات غير حكومية في بلدان الشرق الأوسط إلا طريقة حديثة ومدروسة لتوفير ظروف وسبل التدخل في مسار وسياسات الدول عبر إغداق الأموال لموضوعات خاصة ونشاطات غالباً ما تكون مشبوهة تقوم بها منظمات تحت عنوان الجمعيات الأهلية.

 لقد أصبح من الواضح أن المنظمات والهيئات الدولية تلعب دور حصان طروادة في اختراق المجتمعات، لأن هذه المنظمات لها أجندتها التي تخدم المصالح الأمريكية والغربية، ومنها السعي إلى تطبيع ثقافي يؤدي بالمواطن العادي إلى تصديق الدعاية التي تروج لتفوق الحضارة الغربية، كما تسعى إلى زرع قيم جديدة لدى الشباب وتعلمهم كره الذات والوطن. ويؤكد ذلك كلّه أن هذه المنظمات الدولية، مصابة بعمى ألوان تجاه الحقيقة ولا ترى إلا بعيون الغرب. صحيح أننا لا نعيش في عالم طوباوي، ونعلم أن العلاقات بين الدول تقوم على المصالح وبأن الدول ليست جمعيات خيرية، ولكن نسأل:

هل الرغبة في السيطرة على النفط والغاز وخطوط نقلهما تبرر قتل عشرات الآلاف من الأبرياء، ووضع العالم كله على حافة الهاوية؟ ألا توجد بقايا أخلاقيات عند الدول في تعاملها مع قضايا العالم، واحترام الإنسان لأخيه الإنسان!! وهل يعقل أنه لا يوجد عقلاء في هذا العالم المختل والمصاب بأزمة أخلاقية لا اقتصادية ليلجموا الأشرار وغطرسة القوة عند الممسكين بالقرار في بعض الدول الغربية وطابورهم الخامس في المنطقة العربية على وجه الخصوص، إضافةً للمصابين بجنون العظمة؟.

ولحرصنا الشديد على الاستقرار في منطقة الخليج بعد أن دفعت ثمنه غالياً أنظمة الربيع العربي التي تكالب عليها القريب من الداخل والبعيد من الخارج، كل له أجندته، فتعارضت الأجندة، ومن ثم انفجر الصراع الدموي، والشيء الذي ينبغي أن نقنع به الوعي السياسي الخليجي، هو أن منطقة الخليج تقع ضمن منطقة الزلازل العربية ذات الصيرورة التاريخية. ويخطئ من يعتقد أنه يستطيع إيقاف عجلة الزمن فيها، لماذا؟ لأن الحتمية التاريخية تسير وفق نواميس معينة من أهمها التبدلات التاريخية الكبرى، وكل من يخطئ في تقديره لهذه الحتمية، فسوف يدخل نفسه في متاهات الفقد المفتوحة، وكل من تعامل معها وفق نواميسها الكونية، ظل متمسكاً بموقعه السياسي، فاعلا في إطار محيطه الإقليمي ونطاقه الكوني.

إننا نتألم لمشاهد الفجور والعهر والحقد وتصفية الحسابات، وقلب الحقائق في قاعات المنظمات الدولية (مجلس الأمن، الجمعية العامة، مجلس حقوق الإنسان....) إلى متى ستبقى المنظمات الدولية مسيّسة ومصابة بالفصام وشاهد زور، وكنا نظنها ستكون عوناً للشعوب الفقيرة والمظلومة في هذا العالم الذي تملكه فعلاً الجشع وشهوة القتل والعدوان...!!

ولطالما كان الأمر على هذا النحو في تبعية هذه المنظمات والهيئات الدولية، وفي كونها مرآة تعكس الوقائع الراهنة ومعادلات القوة القائمة، فإن من الضرورة بمكان أن تستعيد توازنها وحيادها الموازي، وأن تستعيد تعبيرها عن معادلات القوة والقوى الجديدة الفاعلة والناهضة، ما يعني في نهاية المطاف لجم القوى المتسلطة والمهيمنة على العالم وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية من جهة أولى، وإنصاف القوى المعتدلة الساعية إلى تثبيت قواعد السلم والعدالة الدوليين كروسيا والصين من جهة ثانية. فالأمم الحية وكل أشراف وأحرار هذا العالم يرنون لعالم جديد متعدد الأقطاب، يكون أكثر عدلاً وتوازناً، يعيد للشعوب المظلومة بعض حقوقها، ويبعد عنها الخوف والقلق والقتل ويجعل المنظمات الدولية فعالة ومتوازنة ومهنية بعيدة عن التسييس والازدواجية في عملها، ولتصبح عوناً لحل مشكلات العالم لا عبئاً عليها، تخفف آلام ملايين المظلومين والمعذبين في الأرض، ولتكن حائلاً حقيقياً لمنع حدوث المزيد من الحروب.


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.44891
Total : 101